دعا الإمام الخميني قدس سره إلى الوحدة بين المسلمين منطلقاً من تاريخَي الولادة المشهورَين عند المسلمين أهل السنة والشيعة وهما 12 و17 ربيع الأول، فأعلن بينهما أسبوع الوحدة الإسلاميّة.
وفي إحدى كلمات الإمام الخامنئي مدّ ظلّه العالي اعتبر "أنّ إحدى الصدقات الجارية للثورة الإسلاميّة والتي تحقّقت ببركة عبقريّة الإمام الراحل رضوان الله عليه هي تخصيص أيام ذكرى ولادة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله بالوحدة الإسلاميّة" معتبراً أنّ "البعض يعيش هذا الأمل بكلّ وجوده، والبعض يتّخذه شعاراً فحسب دون أن يكون جادّاً في تحقيقه".
وتابع مدّ ظلّه العالي قائلاً: "وعندما نفكّر في الآليات والأساليب العمليّة لتحقيق هذا الأمل نجد أنّ شخصية الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله والتي تعتبر أفضل وأعظم شخصية في الإسلام، هذه الشخصية الفذّة هي المحور الأساس الذي تتمحور حوله عواطف وعقائد المسلمين كافة.
وقلّما تجد مفردة من مفردات الإسلام أو حقيقة إسلامية تكون مورد اتفاق جميع المسلمين وقادرة على استقطابهم وتستأثر بكل عواطفهم كما هو الحال بالنسبة إلى شخصية الرسول محمّد صلى الله عليه وآله..نظراً لدور وتأثير العواطف البالغ الأهمية، بحيث إننا إذا استثنينا بعض الفرق الشاذّة التي لا تهتم بالجانب العاطفي والولاء القلبي ولا بمسألة التوسّل، فإنّ عموم المسلمين تشدّهم بالرسول صلى الله عليه وآله عواطف وأواصر حبّ قوية.
وبناءاً على ذلك يمكن لهذا الوجود المبارك وهذه الشخصية العظيمة أن تكون محور الوحدة التي نحن بصدد تحقيقها".وتابع الإمام الخامنئي مدّ ظلّه العالي كلامه منبهاً إلى الضرورة الملحة والأكيدة للوحدة الإسلاميّة وذلك "لأنّ أعداء الإسلام اليوم يتّصفون بصفتين لم يكونوا قد توفّروا عليهما من قبل:
الصفة الأولى: أنّهم اليوم يمتلكون أكبر قدر ممكن من عناصر القوة، كالمال والسياسة والإعلام، كما يمتلكون كافة وسائل وآليات السيطرة والنفوذ والهجوم والمباغتة. وهم يشكّلون جبهة واحدة في قبال الإسلام بدءاً بالاستكبار وعلى رأسه أمريكا والصهيونية ومروراً بشركات النفط العالمية وانتهاءاً بذوي الأقلام المأجورة الّذين يعملون لصالحهم، وهم مجهّزون بمختلف الوسائل والمعدات وأحدثها. ونظرة سريعة إلى تأريخ الصراع المحتدم بين الإسلام والقوى المضادة تثبت أنّ القوى المضادة لم تكن في يوم من الأيام مجهزة بكلّ هذه الإمكانيّات والمعدات وعناصر القوة كما هي عليه اليوم.
الصفة الثانية: أنّ هذه الجبهة المناوئة للإسلام حسّاسة بشدة تجاه الخطر الإسلامي الذي يهدّدها أكثر من أيّ وقت مضى. ومنشأ هذا التحسّس أنّها ترى الإسلام قد خرج عن كونه مجموعة وصايا أخلاقية وأصبح تياراً فكرياً له نظامه الخاصّ به.
لقد شاهد أعداء الإسلام بأمّ أعينهم أنّ الإسلام استطاع أن يحدث ثورة ويخرج الناس من مواقع الهزيمة ويرسّخ ثقتهم واعتزازهم بدينهم وأنفسهم، كما شاهد كيف استطاع الإسلام أن يؤسّس نظاماً يتمتع بالاستقرار والثبات،.. ولذلك تراه يبدي حساسية شديدة تجاه الإسلام. والسؤال المطروح هو ما الّذي يخطّط له أعداء الإسلام في الوقت الراهن؟ إنّ أفضل وسيلة يمتلكها الأعداء هي بثّ الفرقة والاختلاف بين المسلمين، بالخصوص بين من له القدرة على التأثير في الآخرين وأن يكون مثلاً أعلى وأسوة لغيره. وهم يبذلون جهوداً حثيثة ومتواصلة في المجال السياسي ليحقّقوا أغراضهم الخبيثة. وأنا من موقعي هذا أرى وأعتقد بأنّ وحدة المسلمين تعدّ ضرورة حيوية وليس شعاراً ، أقولها جاداً إنّ على المجتمعات الإسلامية أن توحّد كلمتها وتسير باتجاه واحد.
إنّ الاتحاد بين الشعوب الإسلاميـة لا يُلغي الاختلاف الموجود ولا الفروق الموجودة في الآداب والتقاليد المتبعة في المجتمعات الإسلامية، كما أنّه لا يلغي الاختلافات الموجودة في الاجتهادات الفقهية. ومعنى أن تتحد الشعوب المسلمة هو أن تتخذ موقفاً موحداً فيما يخصّ مجريات ومسائل العالم الإسلامي، وأن تتعاون فيما بينها، ولا تهدر ثرواتها في فتن وصراعات داخلية. ومن هذا المنطلق يمكن أن نعتبر شخصية الرسول الأعظم المحور الأساس للوحدة، ولذا ينبغي على المسلمين خاصة مثقّفيهم أن يتمحوروا حول شخصية وتعاليم هذا الرمز الكبير والحبّ والولاء له".
............
https://telegram.me/buratha