ولد الامام القاسم سلام الله عليه عام 150 هـ, وهو الأخ الوحيد الشقيق للإمام الثامن, علي بن موسى الرضا واخته السيدة المعصومة المدفونة في قم المقدسة عليهما السلام.
نهل الإمام القاسم سلام الله عليه من علوم ابيه, الامام الكاظم سلام الله عليه, وتحلى بالشمائل العلوية المباركة, وكان ورعا سمحا خلوقا ومهذبا, ذائبا في ذات الله, وكان امامنا الكاظم سلام الله عليه يحبه كثيرا.
نتيجة لتنكيل سلطة بني العباس بالأسرة العلوية, وقطعهم ايادي العلويين وسملهم لعيونهم, قرر الامام القاسم سلام الله عليه -وهو المعاصر لأربعة من حكام بني العباس وهم (المنصور والهادي والمهدي وهارون)- تغييب وجهه, وحمل رسالة التبليغ بعيد عن عيون السلطة الجائرة, فيمم وجهه صوب أرض العراق, حيث الغري ومرقد جده أمير المؤمنين علي عليه السلام.
جاء سيدنا القاسم الى العراق مع بعض القوافل متنكرا, وحينما وصل العراق ترك القافلة, وأخذ يسر بمحاذات نهر الفرات, متجنبا القرى والمضارب, إلى أن وصل منطقة وجد فيها بنتين, تُقْسِم إحداهما للأخرى قائلة "قسما بصاحب بيعة الغدير لم اعني كذا وكذا" هنا هاجت مواجعه سلام الله عليه, وهفى قلبه شوقا لجده, فقال للفتاة بعد السلام "بنية من تعنين بصاحب بيعة الغدير" قالت " هو الضارب بالسيفين, والطاعن بالرمحين, سيدي أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام" فهنا اطمئن قلب مولانا القاسم عليه السلام, فقال مخاطب الفتاتين "هل تدلاني على رئيس هذا الحي؟" فقالت إحدى الفتاتين "نعم إنه أبي هو شيخ هذا الحي" وكان الحي يسمى حي باخمرا لكثرة البناء في هذا الحي بمخمر الطين والتبن واللبخ به.
سار القاسم سلام الله عليه امام البنتين وهما خلفه, كمسير موسى سلام الله عليه مع ابنتي شعيب النبي سلام الله عليه, فاستضافه الشيخ لمدة ثلاثة ايام, وكان من عادة العرب ان لا يسألوا الضيف عن اسمه لثلاثة ايام, وفي اليوم الرابع قال القاسم سلام الله عليه للشيخ "يا شيخ ان الضيافة ثلاثة ايام, وما بعدها صدقة, وانا لا أحب أن آخذ صدقة, ولكن إن أحببت فاجعلني عاملا عندك" ولشدة اعجاب الشيخ بهذه الغريب! وافق على طلب القاسم, فطلب القاسم سلام الله عليه من الشيخ ان يجعله على السقاية في مضيف الشيخ, وإن اختيار القاسم سلام الله عليه لهذا العمل, هو لارتباط اهل البيت بالسقاية والعطش, وما تبعثه فيهم من ذكرى عاشوراء, ولِما في السقاية من أجر وثواب.
اشتغل القاسم سلام الله عليه بالسقاية, وكان الشيخ يراقبه, فيحده صاف قدميه قائما ليله, صائما نهاره, يحمل من الاخلاق انبلها ومن الشمائل احسنها, فقرر الشيخ أن يزوجه إحدى بناته, فوافق القاسم -الذي كان يعرف باسم الغريب-.
ثمرة زواج القاسم سلام الله عليه -حسب المصادر التاريخية- بنت واحدة, اسمها فاطمة, ولما بلغت فاطمة ثلاث سنوات, مَرِضَ سلام الله عليه, وأحس بقرب المنية, فدعا والد زوجته وقال له "يا عم لقد احسنت ضيافتي وانا أوشك أن أُقبض, ولا بد أن أعرفك بنفسي, وأُعرفك بأهل ابنتي أنا القاسم بن الإمام الكاظم عليه السلام"
هنا لطم الشيخ رأسه, ونادى "واخجلتاه من ابيك الكاظم" فقال له القاسم سلام الله عليه "لا تخف يا عم فانت معنا في الجنة, ولكن يا عم إنك ستحج هذا العام, فخذ ابنتي معك, وضعها على سكة المدينة وهي ستذهب الى أهلها"
قضى سيدنا القاسم بأبي وامي هو, نحبه غريبا بعيدا عن أهله عام ,192 وله من العمر 42 عام, ودفن في مرقده العامر حاليا في قضاء القاسم التابع لمحافظة بابل, ونعاه دعبل الخزاعي في تائيته قائلا:
واخرى بأرض الجوزجان محلها ** وقبر ببا خمرى لدى الغربات
فسلام عليه يوم ولد ويوم مات غريبا ويوم يبعث حيا.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha