مثلت السيدة خديجة بنت خويلد عليها السلام, نموذجا للمرأة المثالية, المشتملة على جميع صفات الكمال من خلق وأدب رفيعين, كما كانت سلام الله عليها نقلة نوعية في واقع المرأة العربية أو الحجازية تحديدا, فبينما كان العرب يئدون البنات ويعتبرونهن عورة ومنقصة وسبة, كانت السيدة خديجة تمثل الطبقة العليا من القوم حثث كانت مشاركة في التجارة وادارة الأعمال, وتملك من الأموال ما يحسدها عليه الرجال.
صفات السيدة خديجة بنت خويلد عليها السلام الحميدة أكسبتها لقبا عُرفت به بين قومها, حيث كانت تلقب بالطاهرة, وهذا اللقب يعكس الحقيقة الأخلاقية والإيمانية لهذه المرأة الصابرة, فالطاهرة لم تتدنس بدنس الشرك, أو الصفات الرذيلة المنتشرة في منطقة الحجاز تلك الفترة.
كانت السيدة خديجة تنتخب الأفضل والأكمل ومن يتصف بالأمانة, ليروح في تجارتها, ولما برزت سيرة النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وآله, وذاع صيته بالأمانة والصدق, ولقب بالصادق الأمين, حينها هفت نفس الطاهرة خديجة لإرسال هذا الهاشمي في تجارتها.
تلتقي السيدة خديجة سلام الله عليها نسبيا بالجد الرابع مع النبي صلى الله عليه وآله, كما إن أمها أيضا تلتقي في النسب مع عائلة عبد المطلب رضوان الله عليه.
تاجر النبي محمد صلى الله عليه وآله بأموال خديجة, وكانت رحلته الأولى إلى الشام, وكانت تجارته رابحة بأضعاف مضاعفه, كما إن الشهادات القادمة من رفقاء النبي في السفر, وما شهدوه من ظهور الكرامات لهذا النبي العظيم, جعل من خديجة سلام الله عليها تتطلع للزواج بهذا الصادق الأمين.
أخبر النبي محمد صلى الله عليه وآله عمه ابا طالب برغبة بالاقتران بخديجة, وتمت الخطبة, ويقال إن النبي محمد صلى الله عليه وآله حينما تزوج بخديجة, فأن مائتي امرأة من بيوت العرب, متْنَ حسرة لأنهنَّ لم يظفرن بالزواج بهذا الرجل الصادق.
كانت السيدة خديجة هي زوجة الرسول الوحيدة, لم يتزوج النبي صلى الله عليه وآله بأمرة غيرها في حياتها, وهي أم أولاده جميعا إلا إبراهيم, فقد أولدت للنبي القاسم والطاهر, اللذين توفيا وهم صغارا, كما وانجبت السيدة خديجة مولاتنا فاطمة الزهراء عليها السلام.
حينما بُعِث النبي صلى الله عليه وآله بالرسالة, كانت خديجة سلام الله عليها أول من آمن وصدق بالنبي, وقد ساندته ودعمته أيما دعم, ولأن الأموال جزء من مقومات أي ثورة تغييرية أو نهضة اجتماعية, لذا فإن السيدة خديجة قد أنفقت كل ثروتها لدعم الرسالة, وكانت محور الدعم والإسناد لهذه الرسالة, وقد شكر الله سعي هذه المرأة المجاهدة, حيث هبط جبرائيل عليه السلام واخبر الني صلى الله عليه وأله بأن البارئ يقرأ خديجة السلام.
ضحت السيدة خديجة بكل ما تملك, وواست النبي بنفسها, وقد عانت فترة الحصار في شعب أبي طالب, وتحملت الأذى في سبيل الرسالة, وتوفت بعد وفاة أبي طالب عليه السلام, بعشرة أيام في العاشر من شهر رمضان عام 3 قبل الهجرة.
تأثر النبي صلى الله عليه وآله لوفاة خديجة سلام الله عليها أيما تأثر, وحزن حزنا شديدا لوفاة هذه الطاهرة المؤمنة, وقد سَمى النبي صلى الله عليه وآله عام وفاة أبي طالب وخديجة سلام الله عليهما بعام الأحزان.
فالسلام على سيدتنا خديجة يوم ولدت ويوم ماتت ويوم تبعث حية.
https://telegram.me/buratha