طالعت التوجيهات الكريمة التي وجهها المرجع الأعلى السيد علي السيستاني دام عزه لجمهور الخطباء بتريث ,في توجيهاته التي حثهم باعتماد أسلوب اعتماد الثقافة لرفع شان المجتمع ثقافيا وعلميا ودينيا, والابتعاد عن تكرار الخطابات المكررة مئات المرات , وعدم إحراج الجمهور بآراء تستند للأحلام , وربما نأى سماحة السيد حفظه الله من التنبيه للأسلوب الجديد في نقد الحكومة في كل مجلس حتى يقول الناس فلان ينقد الحكومة .. بهذا تراجعت الأطروحات المنبرية إلى الحد الذي لا يمكن السكوت عليه .
يضاف لذلك إن المنبر الحسيني ومنبر الجمعة ابتعد كثيرا عن تفسير القران ولم يتناول أي خطيب موضوعا قرآنيا منذ سنوات لحد الآن ...,حقيقة بعد وفاة الشيخين احمد الوائلي ومحمد متولي الشعراوي رحمهما الله , لم نسمع منذ عقد من الزمان خطيبا حسينياً أو خطيب جمعة سني تعرض لآية قرآنية وأشبعها نقاشا , وأعطى للناس المفاهيم التي كان جيل الستينات لغاية جيل الثمانينات يسمعونها من المنبر الحسيني ..
وقد لعبت الفضائيات دورا كبيرا في تراجع الثقافة المنبرية من خلال نقل مجالس حسينية لا تصلح للاستماع لما تحويه من أطروحات تجعل المسلم المثقف يتحرق ألماً من ذلك الخطيب الذي تنقل له أكثر من فضائية مجلسا باسم الحسين {ع} الذي أسس اكبر مدرسة إنسانية ثورية وثقافية تنهل من فكر القران وال البيت {ع} طريقا للحياة , المجتمع الحسيني في الزمن الراهن انقسم إلى ثلاثة أقسام , بسبب الخطاب الذي يقدمه الروزخونية ..
القسم الأول :عدد كبير من المثقفين عزفوا تماما من الحضور للمجالس الحسينية كونه يعرف انه لا فائدة ترتجى من حضوره , لأنه سيسمع روايات لا صحة لها وأحلاما , وكلام فيه مبالغة كثيرة ..
القسم الثاني ممن يريدون مجرد المشاركة في المجالس الحسينية ولكن قلوبهم تنزف ألماً , لا يستطيعون نقد الخطيب الأمي لان الأميين يعتبرون ذلك خروجا على الحسين(ع) وعلى الدين , وكأن الخطيب معصوما وكل ما يقوله مقبولا ..
القسم الثالث من الجمهور لا يعرفون ولا يريدون أن يعرفوا دينهم إلا من خلال الشعارات .. كل ما يعرفونه ثقافيا , لو كتب احد الكتاب نقدا لخطيب ملآ أفكار الناس خرافة وأكاذيب , يكون الرد عليه " هذا تاج راسك " أو كلمة " الحسين خط احمر " وهو لا يفرق بين الإمام الثائر وبين أمي لا يعرف ما يقول .. لذا تحدثت المرجعية ببيان لتبين موقفها من الخطباء إنها تريد خطيبا رصينا بعيدا عن الأسلوب التقليدي .
وكم أتمنى ان تكون هناك جهة تتبنى موضوع الخطابة الحسينية بشكل أكاديمي , تتصدى لأصحاب الفضائيات وروزخونياتهم الذين نجحوا نجاحا باهرا بتجهيل الأمة , تحت شعارات حب الحسين ونشر المذهب , ولكن مع الأسف تحولت تلك الأساليب ربما بتقصد وسبق إصرار .. إلى تأسيس فكر بعيد عن القران وعن الثوابت الإسلامية التي لا يتطرق أليها الخطباء بل هم لا يعرفون مواردها وأحكامها . واليوم سرت في المجتمع أمراض فكرية خطيرة في صفوف الشباب بعقلية مناوئة لإسلام وقسم ليس بالقليل منهم جنحوا للإلحاد .. وخطباءنا وأصحاب المجالس لا زالوا يريدون خطيبا عنده ( خوش صوت من ينعي )..
إنها مسؤولية دين ومذهب وطائفة , إنها تراث الحسين {ع} فلا يمكن السكوت أمام الأسلوب المتراجع الخطير , لم نرث المنبر بسهولة.. بل بدماء زكية شريفة عزيزة , فلا تتركوه لمن هب ودب , وتقولون نحن خدام الحسين ..
الشيخ عبد الحافظ البغدادي
https://telegram.me/buratha