عبد الكاظم حسن الجابري
الحديث عن القضية المهدوية وعن الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه, ليس حديثا ترفيا, ولا هو حديث عابر وإنما هو حديث عن مستقبل البشرية بأجمعها, وعن المآل الذي ستؤول إليه الحياة.
ثم أن ظهور الأمام المهدي عجل الله فرجه ليس مدعاة للركون إلى الدعة والخمول, بل هو بداية لمنهج عملي, لإصلاح ما أفسدته البشرية على مدى عمر الأرض, وهو أعادة لروح الإسلام الذي أضاعته الحركات المنحرفة, والفئات الباغية, وتجديد للفرائض والسنن الحقة.
المنهج الذي سيأتي به الإمام روحي فداه, والأحكام التي سيطبقها –وكما تخبرنا الروايات- هي أحكام قطعية وليست ظنية, وقد تأتي هذه الأحكام بما لا تشتهيه أنفس العوام, أو أن باطنها مخالف تماما لظاهرها, فمثلا قد يقضي الأمام بقتل أحدهم رغم أن ظاهره الصلاح! إلا أن هذا الشخص قد يكون منافقا أو جاسوسا للأعداء أو عاملا على غير مصلحة المسلمين, فهل نحن على استعداد لتقبل هذه الأحكام.
لم يتحمل نبي الله موسى الكليم عليه السلام أحكام العبد الصالح, وقد أبلغه ذاك العبد أنه لن يستطيع معه صبرا, ورغم أن موسى سلام الله عليه نبي مرسل ومعصوم, إلا أنه لم يستطع الصبر, فانفصمت عرى الاتفاق والعهد بينه وبين العبد الصالح, فهل يا ترى سنكون نحن العوام قادرين على أن نصبر ونسلم بقول الأمام بسهولة؟!.
من الاحاديث التي وردت بشأن سيرة وأحوال الإمام ما ورد في بحار الأنوار: ج ٥٢/ ص ٢٣٠/ ح ٩٦: وقال عليه السلام: (يقوم بأمر جديد، وكتاب جديد، وسنة جديدة وقضاء (جديد) على العرب شديد، وليس شأنه إلا القتل، لا يستبقي أحدا، ولا يأخذه في الله لومة لائم). وفي: ص ٢٣٥/ ح ١٠٣: عن أبي جعفر عليه السلام قال: (يقوم القائم عليه السلام في وتر من السنين: تسع، واحدة، ثلاث، خمس). وقال: (إذا اختلفت بنو أميّة ذهب ملكهم، ثم يملك بنو العباس، فلا يزالون في عنفوان من الملك، وغضارة من العيش حتى يختلفوا فيما بينهم، (فإذا اختلفوا) ذهب ملكهم، واختلف أهل الشرق وأهل الغرب نعم وأهل القبلة، ويلقى الناس جهد شديد، مما يمر بهم من الخوف, فلا يزالون بتلك الحال حتّى ينادي مناد من السماء، فإذا نادى فالنفر النفر، فوالله لكأني أنظر إليه بين الركن والمقام، يبايع الناس بأمر جديد وكتاب جديد، وسلطان جديد، من السماء. أما إنه لا يرد له راية أبدا حتى يموت). وص ٣٣٨/ ح ٨٢: عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إذا قام القائم عليه السلام جاء بأمر جديد كما دعى رسول الله في بدو الإسلام إلى أمر جديد). وص ٣٤٨/ ح ٩٩: عن الثمالي قال: سمعت أبا جعفر (محمّد بن عليّ): (... يقوم بأمر جديد، وسنة جديدة وقضاء جديد، على العرب شديد، وليس شأنه إلا القتل، ولا يستنيب أحدا ولا تأخذه في الله لومة لائم). وص ٣٥٤/ ح ١١٤: قال أبو جعفر عليه السلام: (يقوم القائم بأمر جديد، وكتاب جديد، وقضاء جديد على العرب شديد، ليس شأنه إلا بالسيف لا يستتيب أحدا ولا يأخذه في الله لومة لائم).
الرضا بأحكام الأئمة تأتي من التسليم المطلق لهم, والإيمان التام بعصمتهم, وأنهم لا ينطقون عن الهوى, وأن سيرتهم سيرة النبي المصطفى عليه السلام واله، هذا التسليم لا يكون إلا عن اعتقاد راسخ, ومعرفة بشؤون العقائد, وهذا الأمر يلقي بالمسؤولية علينا بضرورة أن نتفقه في شؤون ديننا, وأن نتعلم أمور عقائدنا, وأن لا ننظر للقضية المهدوية على أنها قضية رخاء ونعيم فقط –وإن كانا هما السمتين الغالبتين لدولة الظهور- بل ننظر لها على أساس دولة عمل وتكليف وجهاد للنفس.
https://telegram.me/buratha