أحمـد سـلام الفـتلاوي
ونحن في رحاب عاشوراء ، عاشوراء القيم والإصلاح ، عاشوراء الإنسانيه ، وهي بمثابة أطروحه انسانيه لا نرى مثيلاً لها على مر التاريخ عندما قال الامام الحسين ع في رسالته المشهورة
"ما خرجت إلا لطلب الاصلاح في أمّة جدي رسول الله(ص) ، فالامام الحسين(ع) أعلنها بكل صراحة وبوضوح ولا يشوبها الغموض ولا يعتريها النقص ، ان خروجه وهدف رسالتة كانت واضحة المعالم وهو بناء الانسان والذات الامارة بالسوء ، وإعادة بناء الانسان بالشكل الذي تطلبه جميع مراحل الحياة ، وها هي عاشوراء حاملة معها معاني كثيرة من مبادئ الحياة السمحاء والشريعة المنيرة بنور ال محمد بعيداً عن كل صعوبات الحياة وملذاتها ، عادت حاملة معها كثيرا من الافكار والاراء والمعاني الراقية لتكون نبراساً للانسانية وهدايته للإنسان.
فلنخذ منها الدروس والعبر في كيفية التعامل مع الأزمات التي تجتاح الأمة ، بكل مشاكلها ، ومنغصاتها ، فلا بد من شعاع يضيئ الطريق ، ليسير علية الخلف ، بكل ما يملك من رحمة وإنسانية ، ومدعاة للتطور والرقي والانسجام بين المجتمعات ، كانت رسالة الامام الحسين ع هي بمثابة خارطة طريق للأمة ، عندما اتخذ من " الاصلاح" عنوانا عاما شاملا وقاعدة موضوعية مجردة تنطبق في كل الازمنة والأمكنة لينطلق بها الى الأفق العام والشامل ، و وضع الحجر الاساس لثورته قبل الانطلاق باتجاه كربلاء حيث المعركة العسكرية مع ما رافقها من نماذج تدرس في السياسة والاعلام والعقائد وغيرها من العلوم الاخرى ، كما في العلاقة الانسانية والروحية بين الاخوة والابناء والاصحاب والالتزام بالتعاليم الالهية والاخلاقية في التعاطي مع الخصم والعدو في ادق لحظات الحرب واصعبها.
ما خرجت إلا لطلب الاصلاح في أمّة جدي رسول الله(ص)"، فالامام الحسين أعلنها صراحة وبشفافية عالية وبوضوح جلي لا يحمل مجالا للشك ان خروجه باتجاه كربلاء لتسطير المعركة الاشهر عبر التاريخ، هو بهدف الاصلاح، وهنا الاصلاح لا يبدأ فقط بالاصلاح السياسي ولا ينتهي بإصلاح الفساد الاداري، بل يتجاوزها لكل أفق الحياة الاخرى، فالسياسة لا تنفصل عن الفكر وحياة الانسان لا تنسلخ عن عقيدته، ومن يريد افساد حياة الانسان قد يستهدف فكره وثقافته ودينه ومعتقداته، وهذا لا يكون باستخدام المشروع المباشر لتحقيق هذا الهدف.
من يريد القضاء على ثقافة الفرد وعقيدته لن يأتي بمشروع واضح الاسباب بل سيأتي بمسميات اخرى توصله بشكل او بآخر الى اهدافه ، ان ما بثته كربلاء الامام الحسين(ع) لم يرتبط بنصر عسكري في ارض المعركة او سحق طرف لطرف آخر في مواجهة مباشرة غير متكافئة اصلا وبكل المعايير، فكربلاء كرّست ان لواء الحق والاصلاح سيبقى مرتفعا وان سحق حامله وقطع اربا اربا، لان ليس دائما الموت يوقف المسير، فكربلاء خلّدت بكل ما فيها رغم المجازر التي ارتكبت فيها ورغم اجرام القتلة واساليبهم الاجرامية، وليس فقط الامام الحسين (ع) ومن معه من اصحابه واهل بيته بقي ذكرهم حتى اليوم وسيبقى الى ما شاء الله، بل كل ما ارتبط بكربلاء ايا كان ايضا على هذه الحال من الخلود فقيمة عاشوراء بما فيها الاصلاح انها متجددة في كل زمان ومكان .
https://telegram.me/buratha