نساء عاصرنَ الأئمة وعشنَ أبداً/22
أمل الياسري
مجموعة من نساء الفواطم، بينهم سيدة عليها جلبلاب الفضيلة، والعفة والجمال الإلهي، يتحدثنَ حول قدوم محمد (صلواته تعالى عليه) قبل مبعثه، وقد تبعهن كاهن مسن ينظر بإمعان، الى أن وصل إليهنَّ فسألهنَ عنه، فقلنَ:(هذا محمد ذو الشرف الباذخ والفضل الشامخ)، فأخبرهنَ الكاهن من رفيع قدره ومستقبل أمره، وأنه سيكون نبياً، والتي تكفله في صغره منكنَّ سيكفل لها ولد، يكون من عنصره يختصه بسره، وبصحبته، وإخوته، فقالت فاطمة بنت أسد: أنا التي كفلته وزوجة عمه أبو طالب!
(سيف على أعدائه وباب لأوليائه، يلي النبي في جميع أموره، وينصره في قليله وكثيره، يفرج عن وجه نبيه الكربات، ويجلو عنه حندس الظلمات) يا سيدة:(إن كنت صادقة، فستلدين غلاماً علاّما، مطواعاً لربه، هماماً إسمه على ثلاثة أحرف، أنتِ مَنْ سيتضيفكِ الرحمن في بيته ثلاثاً، ويُشق لكِ جدار الكعبة)، أيُّ فخرٍ وأي إمرأة أنتِ يا بنت أسد؟ ومَنْ مولودكِ هذا يا ترى؟ نعم إنها السيدة فاطمة بنت أسد، من النساء المؤمنات على دين إبراهيم (عليه السلام)، ولم تعبد الأصنام قط.
حضرت الوفاة جد النبي عبد المطلب، فوجه كلامه لأبي طالب، وأشار بيده لمحمد:(كنْ لهُ كما كنتُ لهُ، ودعّه ينادي فاطمة بالأم، إنما هو نبي هذه الأمة، وستلد وزيره بعد ثلاثين سنة، فإني على جناح السفر، فزحف الغلام الى أبي طالب قائلاً: إني قد عرفتُ ديانتك وأمانتك، أريد أن تكفلني)، وبالفعل كانت فاطمة كأمه، وقامت بتحمل مسؤوليتها تجاهه بصبر وإخلاص، فكانت طيبة السيرة فاضلة بين فواطم بني هاشم، ومن السابقات للإسلام، والمؤمنات بالمصطفى (صلواته تعالى عليه وعلى آله).
عاصرت السيدة فاطمة بنت أسد (رضوانه تعالى عليها)، إبنها وليد الكعبة الإمام علي يوم الغدير، وإبنه الحسن (عليهما السلام) وشهدت أياماً عصيبة مع أبنائها:(عقيل، وعلي، وجعفر، وأم هانئ، وجمانة)، بسبب مضايقة الكفار والمنافقين وحصارهم الظالم، فوقفت بشموخ وكبرياء ضدهم، رغم رحيل أبي طالب في عام الحزن، وفقدان الكفيل والمعيل، فشرّعت بالدفاع عن مظلومية أبنها علي وزوجته الزهراء (عليهما السلام)، وبقيت تردد قول مَنْ كفلته وربته: (الى الله أشكو ما تلقى عترتي من بعدي، فتبكي بكاءً شديداً).
حانت ساعة الوداع، وغابت شمعة هاشمية الى بارئها في عليين، وقام الإمام علي وإبنه الحسن (عليهما السلام)، بدفنها في البقيع (منطقة الروجاء )، مقابل حمام أبي قطيفة، بجهة مشهد سيدنا إبراهيم (عليه السلام)، ورغم أن الوهابية السلفية المبغضة لمحمد وآل محمد، هدمت قبور المسلمات، لكن قبر السيدة فاطمة مازال باقياً رغم أنوفهم، لأنها بنت أسد، وأنجبت أسداً، قارع جهلة الأمة وقتل ذؤبانها، وحطم جبروت إئمة الضلالة والكفر، فسلام عليكِ يا مربية المختار، وأم الكرار والطيار!
https://telegram.me/buratha