سعد الزيـدي
((أن الدين عند الله الإسلام)) وأن الخالق العظيم أوكل مهمة تبليغ الدين وحفظ الشريعة سفراءه من الأنبياء وأوصياء (عليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم).
من هذه الحقائق تشكل مشروع الحسين الإصلاحي لحفظ الشريعة،أما المستلزمات المناسبة للإصلاح العملي المؤثر، فقد انطلق الحسين من مستجدات المرحلة حيث أصبح المحيط ملوث والمجتمع مريض بفعل سياسة آل امية المنحرفة،ولكن ضمن آليات ومفهوم محورية آل البيت بصفتهم ألأوصياء المعصومون والمراجع للشريعة المحمدية.
أذن عرف الإمام الحسين مشروعه الإصلاحي وحدد هويته بناءا على الثوابت الاسلامية،يضاف اليها المتغيرات الآنية بقراءة الإمام فعلمه غير محدود بالزمان والمكان،هذه المتغيرات هي التداعيات الخطيرة التي أعقبت استشهاد الإمام الحسن سلام الله عليه واستمرار سريان مفعول معاهدة الصلح مع معاوية وحيثياتها من التجاوزات والتشويه الذي طال كل الثوابت الإسلامية،جميعها ضغطت على الإمام(سلام الله عليه) لتغير لهجة الخطاب السياسي باتجاه كشف وتعرية الواقع ثم رفضه والاستعداد لمواجه تداعيات الرفض ،مع بقى عنوان المشروع بالثوابت فقط (حفظ شريعة الرسول الأعظم حية عاملة في مرافق الدولة الإسلامية ومتيسر تناولها) وليس فيه أشارة الى سلطة أو إمارة.
أن تاريخ وسيرة الحسين يمثلان الاصلاح المحض،كما يؤكدان نوع الترابط بينه وبين جده المصطفى صلوات الله وسلامه عليهم في حفظ الشريعة،التي أشار اليه بقوله( حسين مني وأنا من حسين)،وكل شعارات النهضة الحسينية تعبر عن هذا التوجه.أن نطاق دائرة الفعل الحسيني في حفظ الشريعة تميزت ضمن اطروحة آل البيت أنها فعل مفصلي متفرد في آليات الحفظ،أملته النظرة المستقبلية على أساس إفرازات المرحلة المستهجنة.
أن تداعيات المرحلة بقيادة رأس الهرم الحاكم معاوية ورتل المستشارين من سرجون النصراني والمغيرة بن شعبة والعقل المدبر عمر بن العاص والمنافقين ووعاظ السلاطين أمثال أبو هريرة ومخلفات اليهود تلاميذ عبدالله بن سلول،كعب الاحبار،وهب بن منبه والازدواجيين النفعيين امثال عبدالله بن الزبير،ابن الاشعث .كانت فعلتهم بالمشروع المحمدي من طمس وتشويه وتغير بأدوات تنطلي على غير المتفقهين وقد ختمها معاوية بتولية أبنه الفاسق يزيد أمور المسلمين،وهذا الانحدار المرفوض شكلت ردة وانتكاسة خطيرة جدا في الدولة الإسلامية يصعب على مثل الحسين إغفالها وتجاوزها، لهذا وغيره بات الاصلاح يحتاج الى تغيير في القيادة كون الدور القيادي في الامة من مستلزمات النهضة الاصلاحية ،فادخل الامام الحسين الخطاب الثوري في بياناته وخطبه ورسائله وشعاراته،فكان أن تقع ملحمة كربلاء الجهادية بمقدماتها ونتائجها باعتبارها الصفحة العسكرية للمشروع الإصلاحي والتي كان لا محيص منها.
ومن معطيات ملحمة كربلاء وكونها مثلت الموازنة في معادلة التضحية والقيم،أن يقرن المشروع الحسيني الهدف والغاية بالتضحية والعطاء وبذالك فقد شرعن الإمام الحسين اللامحدودية في التضحية لتجسيد مضامين الشريعة الحق فكانت واحدة اسطورات الخلود للمفاهيم والقيم التحررية الانسانية في الشريعة المحمدية ،التي سطرها الحسين في صفحات تاريخ البشرية فكان الإسلام محمدي النشأة وحسيني البقاء كما سطر الإمام الحسين على صعيد كربلاء مستجدات كثيرة في قاموس التضحية والفداء منها (الشرعية لقوة المنطق لا لمنطق القوة) ومنها تأسيس مفاهيم نظرية الإصلاح لإقامة دولة العدل اللإهي وملخصها (أن مفاهيم الاصلاح يجب أن تبقى دائمة الحركة ومتفاعلة في الضمير الإنساني بآليات العصر إلا يغلب الباطل على أهله ). ومن إستراتيجية المشروع الحسيني آليات الاستمرار في تنفيذ وتفعيل الفصول والأدوار لتهيئة القواعد والقيادات تمهيدا لقيام دولة العدل والقسط .
وأخيرا وليس أخرا تعلمنا من مدرسة عاشوراء المشروع الحسيني كيف نعيش بني الانسان أحرار في كل الأمم والأجيال وكيف ينتصر الدم على سيف الظلم وكيف يقهر الفكر القوة والفتح يعني الظفر وليست النصر العسكري وعرفنا أن الحسين قتل يوم العاشر من المحرم جسد لا فكر ولا رسالة.وأن للمرحة استحقاقاتها من التضحية.
https://telegram.me/buratha