حيدر السراي
في الطريق الى باب الله الاعظم ، يقف احدنا ليستريح ، يأخذ قدح الشاي من الچايچي خادم الحسين عليه السلام ، الزائر يهم بالوصول واداء السلام على المولى رجاء الحصول على الثواب ، والچايچي يقف من الصباح حتى المساء لخدمة الزوار رجاء الحصول على رضا سيد الشهداء ، هل انتهت القصة الى هنا .. بالنسبة للچايچي والزائر ، نعم
لكن هل يعرفان انهما يصنعان التاريخ بحركتهما العفوية هذه؟؟!
ما هي صناعة التاريخ ؟؟! الامر ابسط مما نتوقع ، انه ما نتعوده ونقوم به ونبتكره من افكار فردية تتحول شيئا فشيئا الى حراك اجتماعي عفوي لا يمكن للقوى المهيمنة ان تسيطر عليه ، تبذل مؤسسات دولية عملاقة مليارات الدولارات لتنظيم حراكات اجتماعية ، الفيفا تهتم بتنظيم العاب كأس العالم ، وقد لا يتخيل الكثيرون مقدار الدقة والجهد والتنظيم الذي يمارس في هذه الفعالية الاجتماعية ، لكن لم تتمكن هذه الفعالية من توحيد شعوب العالم فهي قد توقفت لاثني عشر سنة اثناء الحرب العالمية الثانية وتم استخدامها لاغراض مالية ودعائية وسياسية وغيرها ، وغير الفيفا هنالك الكثير من الامثلة ، فمن الذي يحرك الناس وينظمهم في زيارة الاربعين ؟؟! من الذي يوحد تلك النفوس المختلفة ويجعل لهم هدفا واحدا وشعارا واحدا
هل هي المرجعية الدينية ؟؟ هل هي الدولة؟ هل هي مؤسسات ربحية؟ لا احد
لا يمكن للعقل ان يتصور مسيرة تمتد لمئات الكيلومترات ويحتشد فيها ما لا يقل عن خمسة عشر مليون مشارك وتقدم فيها ملايين الوجبات الغذائية ومختلف الخدمات مجانا بدون ان تكون هناك جهة تنظمها وتهيمن عليها وتستخدمها لغرض ما؟ لكن ما يحدث بالفعل ان لا احد ينظم هذه الملايين سوى انفسهم .
لو قلنا لغير المسلم ان هؤلاء لهم قائد يمتلك كل مقومات الهيمنة والسلطة عليهم وانهم يلبون دعوته دون ان يطلب منهم ذلك ، وانه غائب عن الانظار وينتظر انصاره لقال دونما تردد انه يمتلك جيشا لا يمكن هزيمته من هؤلاء الانصار وان موعد خروجه بهم لا بد وانه قريب جدا.
هل يدرك الزائر والچايچي وصاحب الموكب انهم يصنعون تاريخ الثورة المهدوية ؟؟! وهل تعلم تلك العجوز التي تحمل الماء وتوزعه على الزائرين انها تضع لبنة من لبنات طريق الانتظار الشريف ،
ربما الغالبية منهم لا يدركون ذلك ، لكنهم في النهاية يصنعون التاريخ ، تلك المسيرة التي ابتدأت بزيارة افراد قلائل الى ضريح المولى بعد اربعين يوما من استشهاده هي من صنعت اليوم هذه الملايين ، لا شك ان جابرا وعطية العوفي لو بعثا وشاهدها هذه الملايين والمواكب ، فلن يكون بمقدارهما استيعاب الامر العظيم الذي قاما به في العشرين من صفر ، فهل سيتخيل الزائر وصاحب الموكب اي حدث عظيم يمهدان له بعملهما الولائي العفوي هذا.
في احد الايام قال احد العلماء ان العراق يتم صنعه للامام المنتظر
اما انا فاقول لكم بأن الاربعين هي من تصنع ذلك الشعب.... ولله امر هو بالغه
https://telegram.me/buratha