الصفحة الإسلامية

بيننا وبين الحسينِ مسافاتٍ .. وإن قَرُبتْ>>!


حلا الكناني

 

"تعلمتُ من الحسين أن أكون مظلوماً فأنتصر"، عبارةً قالها ذات يوم الزعيم غاندي، حين أدرك أن للمظلوم طاقة روحية يمكنها أن تزيل جبال الظلم عن أماكنها ، وحين أيقن أن ثورة الحسين عليه السلام لم تُقتل بمقتله ، ولم تُسلب إرادتها ، وأنها ليست بلحظية ، بل سرمدية لا تنتهي إلا بانتهاء سلطان الظلم الذي اُبتليت به الارض، فهل قرأنا الحسين عليه السلام نحن خير قراءة ؟

أم اكتفينا به مظلوماً نندبه ليلاً،ونهاراً علّنا نجسّد عظم المصيبة ، و نُطفي جمر لهيبنا ؟

أرانا أخطأنا في فهم الحسين ، ونأينا بأنفسنا عن مساره ، وعن الهدى الذي كان عليه ، وخلّدناه في قلوبنا ، وغيّبناه عن ضمائرنا التي لا يوجد لدى بعضنا فيها أثراً لحسين، وصرنا كعبّاد رمضان ، يصومون في رمضان عن ملّذاتهم ، ويعاودونها بعد انقضاءه ، وكالذين يؤمنون ببعض الكتاب ، ويكفرون ببعض .

آمنّا بمظلومية أبي عبد الله الحسين عليه وآله افضل الصلاة وأتّم التسليم ، وظلمنا أنفسنا والآخرين باتخاذنا كل حقبة وأخرى آلهاً كالنمرود ، أضلّنا على علم ٍ، حتى خلنا أنه قادراً على أن يُحيي ويميت ، فصرنا مسلوبي الإرادة ، ورضينا أن نكون من القواعد ، وأن لا ندافع عن حقوقنا ، وبايعنا الظالمين ، ونصبّناهم في مناصب لم يُرد الله لهم ان يكونوا فيها ، فأين نحن من حسين !

خُلق الإنسان حراً لا ليستعبده احد ، وجُعل خليفةً في الارض ليحكم فيها بسلطان العدل ، هذا هو جوهر الثورة الحسينية ، التي لم تُرد لسلطان الظلم والطغيان أن يستشري في جسد الأمة ، لكنه وصل الى العظم منها ، وبدأ ينخره ، ويشلّ حركته ، لأننا وببساطة أمة ليست حسينية الجوهر ، بل حسينية المظهر ، وشتّان ما بين الأثنين .

ما أشبهنا اليوم بمن بايع الأمام الحسين ،وغدر به في أرض الكوفة ، ومن تناسى انه جلّ وعلا لا ينظر الى الأجساد ، بل ينظر الى القلوب وما تحمل من نوايا وما تزداد .

لسنا كأصحابه السبعين الذين بذلوا مهجهم دونه ، لكننا في كلّ قراءة لزيارة عاشوراء نرددُ "يا ليتنا كنّا معكم سادتي ، فنفوز فوزاً عظيماً" ، فأيّ امنية تلك التي لم ولن نحققها ؟ أوَليسَ كلما تمنينا ألقى الشيطان في أمنياتنا وقاسمنا إيّاها!

لا نبحث عن الخلود ، بل نسعى وراء الخنوع والخضوع، والتطبيل لكل ظالم ، ولو استعرضنا تأريخنا لوجدنا كل ذلك حاضراً فيه، ننعقُ مع كل ناعق ٍ، ونميل حيث تميل الريح بنا ، فلم نستطع ان نغيّر الظلم بأيدينا، ولا بألسنتنا، بل آثرنا كل ذلك في قلوبنا ، وإنّه لأضعف الإيمان ، والأسوء بيننا من كان كابن طوعة الذي وشى بمسلم بن عقيل ، وأورده القتل ، وباعَ نفسه بثمنٍ بخس ٍ، ودراهمَ معدوداتٍ .

قفْ وتأمل نفسك يا من تدعّي صلتك بالحسين ، فإذا كانت طاهرةً صابرةً على الأذى في جنب ربها ، محتسبة راضية بقضائه، موالية لأوليائه ، معادية لأعدائه ، متأهبة لبلائه ، فابشر فإنك حسيني الهوى ، وإن لم تكن كذلك ، فابتعدْ بعيداً عن الركب الحسيني ، فليست أموالك ولا أولادك ولا ريائك بالذي يُقربّك من الحسين زلفى ، وإنّ بينك وبينه مسافات لن تبلغها إلا بشقّ الأنفس ، وان ابتانت للبعض انها قريبة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك