مصطفى الهادي.
كل الانقلابيين واهل الشر يبدأون دعواتهم بالإصلاح (قالوا إنما نحن مصلحون). (1) ولكن الله لا يغفل عما في نفوسهم وهو العليم بالسرائر فقال : (ألا إنهم هم المفسدون). والشرير دائما يعتقد أنه بأعماله الشريرة يُحسن صنعا (يحسبون انهم يُحسنون صنعا).(2) ولعل اكبر مشروع من مشاريع الخداع والتزوير أن السفياني عندما يخرج تكون دعوته الاصلاح (رايتهُ راية إصلاح) . ولذلك سوف ينقلب رأي الناس به ويُميلون إلى جانبه بعد أن يرفع شعاراته الخادعة (سلمية سلمية) حتى أن جماعة ممن كان يتهيأ لقتاله ينظم إليه وذلك لأنهم يرونه عادلا مصلحا تحوطه جمهرة من العلماء النفعيين الوصوليين ممن باع ضميره وخان دينه .
السفياني السلمي جدا والمصلح جدا ، أحد أهم وسائله الخطيرة هو قتله لخصومه غدرا (غيلة) بالسموم والكواتم والطائرات المسيرة والمفخخات وآلة الإعلام الجبارة التي تحت يديه تسبقه في مسخ الشخصيات والتشويش على العقول تحت شعارات الاصلاح والسلمية ، واعتماده الكبير على طبقة من الجماهير لا تفقه شيئا قام بحرف مسار عقولها عبر سلسلة طويلة دقيقة من الاعلام الموجه المخادع، وتُصاحب عملية الاصلاح المخادعة للسفياني توزيعه للأموال بلا حساب واغداقه للنعم والخيرات لكل من يكون معهُ فيشتري الضمائر ويقضي على إنسانية الكثير . (3)
النبي (ص) حذر الناس من فتنة السفياني ، ومن بعده قام الأئمة (ع) بتحذير الشيعة من هذه البلية وبشكل متكرر واهتموا بفتنة السفياني اهتماما كبيرا ولذلك نرى كم كبير من الروايات التي وردت عنهم لتنبيهنا من هذه الفتنة الطاغية على الأقل لتقليل الخسائر بيننا لأنهم على رأس أولويات السفياني وحركته كلها موجهة ضدهم بالاساس.
وكذلك نرى أن روايات السفياني صدرت عن كل المعصومين ابتداء من النبي وإلى آخر إمام من أئمتنا سلام الله عليهم. وقد بلغ تصاعد الاحاديث الذروة بعد وفاة النبي ابتداء من (أمير المؤمنين والسجاد والباقر والصادق والكاظم والرضا والجواد والعسكري والمهدي عليهم أفضل الصلاة والسلام). وما ذلك إلا دليل على خطورة قضية السفياني لما فيها من غموض يحتار معها عقل العامة من الناس . ولعل الشيء الأهم في قضية السفياني انها من العلامات (الحتمية) وليس الوقفية. واهل العلم يعرفون تفاضل المحتوم عن الموقوف من العلائم في الأهمية ، ويدلنا على ذلك ما جاء عن الامام الباقر (ع): (إنّ من الأمور أموراً موقوفة وأموراً محتومة وإنّ السفياني من المحتوم الذي لا بدَّ منه).(4)
وأمرٌ مهم آخر هو أن السفياني لا علاقة له بالشيعة كما يُشيع البعض، بل أنه من المذاهب الأخرى كما ورد في رواية أمير المؤمنين (ع) : (يخرج ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس).(5) فلا يوصف الشيعة ابدا بأنهم اتباع ابن آكلة الأكباد (معاوية).
السفياني على الأبواب وبشائر حركته بدأت بالظهور والعلامات كثيرة جدا وبما أنه يخرج في العراق فهو موجود لربما وما نراه هو أولى اطلالات حركته فهل ننتبه لذلك؟
(وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم ... فيميلوا عليكم ميلة واحدة .... وخذوا حذركم).
المصادر:
1- سورة البقرة آية : 11. يستخدم المفسدون شعارات الأنبياء وأوليائهم التي رفعوها في اصلاح الأمم.فيخدعون بذلك الناس.
2- سورة الكهف آية : 104.
3- يقول الامام الصادق (ع) : السفياني (يبذل الأموال فيجلب بذلك قلوب الجهّال والأراذل ثمّ يدّعي الخلافة فيبايعونه ويتبعهم العلماء الذين يكتمون الحق ويظهرون الباطل فيقولون: إنه خير أهل الأرض). غيبة الطوسي: ٤٤٦ و٤٤٧/ فقرة ٤٤٣.
4- غيبة النعماني: ٤١٦/ باب ١٨/ ح ٦.
5- كمال الدين ٢: ٥٥٧/ باب ٥٧/ ح ١١.
https://telegram.me/buratha