حيدر الطائي
الصراحة:
من صفات أبي الأحرار الصراحة في القول والصراحة في السلوك. ففي جميع فتراتِ حياته لم يوارب ولم يُخادع ولم يسلك طريقًا فيه أي ألتواء. وإنما سلك الطريق الواضح الذي يتجاوب مع ضميرهُ الحي. وابتعد عن المنعطفات التي لايقرها دينه وخلقه. وكان من ألوان ذالك السلوك النيّر أن الوليد حاكم يثرب دعاه في غلس الليل وأحاطه علمًا بهلاك معاوية. وطلب منه البيعة ليزيد مكتفيًا بها في جنح الظلام. فامتنع الإمام وصارحه قائلاً ( أيها الأمير إنا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة ومحل الرحمة بنا فتح اللهُ وبنا ختم. ويزيد رجلٌ فاسقٌ فاجرٌ. شاربٌ للخمر قاتلُ النفس المحرمة معلن بالفسقِ ومثلي لايُبايعُ مثله)
وكشفت هذه الكلمات عن مدى صراحته وسمو ذاته وقوة العارضة عنده في سبيل الحق
ومن ألوان تلك الصراحة أنه جمع أهل بيته وأصحابه في ليلة العاشر من المحرم. فأحاطهم علمًا بأنه يُقتل في غدٍ. ويُقتل جميع من كان معه. صارحهم بذلك ليكونوا على بصيرةٍ وبينة من أمرهم. وامرهم بالتفرق في سواد الليل. فأبت تلك الأسرة العظيمة مفارقته. وأصرت على الشهادة بين يديه.
تزولُ الدول وتزولُ الممالك وهذه الأخلاق الرفيعة أحق بالبقاء وأجدرُ بالخلود من كل كائنٍ حي. لأنها تُمثلُ القيم العليا التي لا كرامة للإنسان بدونها..
_____
https://telegram.me/buratha