علي الحاج
لذ واستجر متوسلاً
إن ضاق أمرك أو تعسَّر
بأبي الرضا جد الجواد
محمد موسى بن جعفر
راهب بني هاشم، العبد الصالح، العابد، الصابر، الأمير، السخي، الكاظم، هكذا وصفه العلماء وسموه أهل بغداد باب الحوائج. وهو الترياق المجرَّب، ما قصده صاحب حاجة ورد خائبا. قال ابن الصبغ المالكي: قال بعض اهل العلم: الكاظم هو الامام الكبير القدر، والاوحد الحجة الحبر الساهر ليله قائما، القاطع نهاره صائما، المسمى لفرط حلمه وتجاوزه عن المعتدين كاظماً، وهو المعروف عند اهل العراق بباب الحوائج الى الله، وذلك لسعيه في قضاء حوائج المسلمين في حياته، وببركاته بعد استشهاده، وكان موسى الكاظم (عليه السلام) اعبد اهل زمانه واعلمهم واسخاهم كفا واكرمهم نفسا. وقال محمد الصبان الشافعي: (اما موسى الكاظم فكان معروفاً عند اهل العراق بباب قضاء الحوائج عند الله، وكان من اعبد اهل زمانه ومن اكبر العلماء الاسخياء).
كانت حياته تشع بالخير والمحبة والتسامح المحمدي والعطاء والصبر على الاحداث الجسام والمحن الشاقة، وظلم ذوي القربى. ولكثرة عبادته سمي بالعبد الصالح. قال ابن حجر: روي عن ابيه... قال يحيى بن الحسن بن جعفر النسابة (كان موسى بن جعفر يدعى العبد الصالح من عبادته واجتهاده (قضى سنوات من عمره بين سجون الظالمين، لم يبدِ اي تذمر او جزع اوشكوى، بل كان يشكر الله تبارك وتعالى، لانه قد خص له موضعا للعبادة ولما سجن في بيت السندي بن شاهك، كانت عائلة السندي تطل عليه فترى هذه السيرة التي تحاكي سيرة الانبياء (عليهم السلام)، فأعتنقت شقيقة السندي فكر الامامة، وكان من اثار ذلك ان اصبح حفيد السندي من اعلام الشيعة في عصره. ويضاف إلى نزعاته الفذّة التي لا تُحصى حلمه وكظمه الغيظ، فكان الحلم من خصائصه ومقوماته، وقد أجمع المؤرخون أنه كان يقابل الإساءة بالإحسان، والذنب بالعفو، شأنه في ذلك شأن جدّه الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وقد قابل جميع ما لاقاه من سوء وأذى، ومكروه من الحاقدين عليه، بالصبر والصفح الجميل حتى لقب بالكاظم وكان ذلك من أشهر ألقابه. وقال الذهبي: (كان موسى من اجود الحكماء، ومن عباد الله الاتقياء).
ومن ظواهر شخصيته الكريمة السخاء، وإنه كان من أندى الناس كفاً، وأكثرهم عطاءً للمعوزين. لقد قام الإمام موسى (عليه السلام) بعد أبيه الإمام الصادق (عليه السلام) بإدارة شؤون جامعته العلمية التي تعتبر أول مؤسسة ثقافية في الإسلام، وأول معهد تخرجت منه كوكبة من العلماء وقد قامت بدور مهم في تطوير الحياة الفكرية والعلمية في ذلك العصر، وامتدت موجاتها إلى سائر العصور وهي تحمل روح الإسلام وهديه، وتبث رسالته الهادفة إلى الوعي المتحرّر واليقظة الفكرية، لقد كان الإمام موسى (عليه السلام) من ألمع أئمة المسلمين في علمه، وسهره على نشر الثقافة الإسلامية وإبراز الواقع الإسلامي وحقيقته. وقال فيه الخطيب البغدادي: كان موسى... سخياً كريماً، وكان يبلغه عن الرجل انه يؤذيه فيبعث اليه بصرّة فيها ألف دينار...
وقال محمد بن طلحة الشافعي: (هو الامام الكبير القدر العظيم الشأن، الكبير المجتهد الجاد في الاجتهاد، المشهور بالعبادة ، المواضب على الطاعة، المشهود بالكرامات، يبيت الليل ساجداً وقائماً، ويقطع النهار متصدقاً وصائماً، ولفرط حلمه وتجاوزه على المعتدين عليه دعيَ كاظماً). ما احوجنا اليوم الى التوجه المشرق والرسالة المحمدية السمحاء، التي سطرتها سيرة اهل البيت (عليهم السلام). صَفت نفسه الطاهرة، وخلُصتْ سريرته، فكان أحد كواكب البيت النبوي يُضيء طريق الأجيال ويُنوِّر ظلمات الدنيا بعطائه الفياض. وما أحوج المسلمين اليوم إلى التوجيه المشرق، والرسالة العظيمة التي سطرها لنا الإمام (ع) بالتضحية في سبيل الله والانطلاق نحو العمل المثمر البناء.
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha