د. علي فاضل محسن ||
مقبرةُ البقيع مساحةٌ من الأرض تجاورُ قبرَ النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله) فيها قبورٌ لشخصياتٍ عزيزة في الإسلام، وذكراها طيبة في قلوب المسلمين ولايُتصور انها تخصُّ الشيعة فقط بل هي عزيزةٌ ومحترمةٌ عند جميع طوائف المسلمين.
قام تحالف ال سعود والحركة الوهابية فيما عُرف حينها بإمارة الدرعية بالغزو على المدينة المنورة في عام ١٨٠٦ وهدّموا جميع القبور، ثم قاموا بنهب الهدايا الموجودة في حجرة قبر الرسول (صلى الله عليه وآله) وهي نفائس لاتقدّر بثمن قدمها سلاطين الهند وايران والدولة العثمانية وغيرها.
ظلّت البقيعُ خرابةً بل اسوء كما وصفها الرحالة بورخارت أواخر القرن التاسع عشر بقوله: ( أكوامٌ من التراب المبعثر وحفرٌ عريضة ومزابل)، فقد كان من الواضح أن ديناً مشوّهاً قد نشأ على استسهال القتل وسفك الدماء وانتهاك حرمة الأحياء والأموات من أجل السرقة بحجة نبذ البدع وما غايتهم الا تحصيل الغنائم وبناء سلطة جديدة بالاتفاق والتعاون مع الاستعمار البريطاني.
ربما يفهم البعض ان الشيعة بتخليدهم لذكرى هدم قبور أئمتهم:
١_الحسن بن علي (ريحانة رسول الله وسيد شباب أهل الجنة)
٢_ علي بن الحسين (سيد الساجدين وزين العابدين)
٣_ محمد بن علي (باقر العلوم)
٤_ جعفر بن محمد (الصادق)
إنما ينطلقون من شعور طائفي او انتماء مذهبي، كلا وأبداً، إنما هم يُعلنون للعالم الاسلامي وغير الاسلامي ويذكّرون بأنّ الاسلامَ بسماحته والقرآنَ برحمته بريئان من الوحشيةِ التي بذرت بذرتها بريطانيا وسقت شجرتها الخبيثة بدعمٍ وتقويةٍ لتحالف الجهل والعدوان المتمثل بمحمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب فكان عهدهما عهد الدماء؛ حتى قال بن عبد الوهاب لابن سعود: "الدم بالدم والهدم بالهدم.... لعل الله يفتح عليك الفتوحات وتنال من الغنائم ما يغنيك عن الخراج". وهكذا حصلت البيعة على [الدم والهدم]، وهو ما عُرفَ بمبايعة الدرعية فكان بداية قيام الدولة السعودية الأولى.
فهدّموا قبور زوجات {النبي} وبناته وعمه وذريته وبعض صحابته، ونسبوا اسم الدولة إليهم ولم يكتفوا بكل ذلك بل راحوا يُكفّرون المسلمين وكل من يختلف معهم في رأيٍ او معتقدٍ فشرّعوا الذبحَ والقتلَ والنهبَ باسم الإسلام وذريعة السنة النبوية التي هم ابتدعوها، ورسول الله منها بريء براءة الذئب من دم يوسف، كيف لا وهو رحمة للعالمين. الا ان (الرحمة) مفهومٌ مرفوضٌ ولا وجود له في عقيدة ابن عبد الوهاب وبن سعود.
ان من واجب المسلمين ان يُحيوا هذا اليوم (الثامن من شوال) في كل عام لكي يحافظوا على سمعة دينهم وعظيم أخلاق نبيهم التي حاول الوهابيون وال سعود تشويهها والاساءة إليها، والحقُ يقال انهم نجحوا في ذلك زمناً، ولكن هيهات فهذا دينُ الله الخاتم وهو القائل عزّ وجل {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}
صدق الله العلي العظيم
الاثنين ٨ شوال ١٤٤١
١ حزيران ٢٠٢٠
ــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha