الصفحة الإسلامية

القرآن والعترة منهجا التكامل  


الشيخ خيرالدين الهادي ||

 

توافرت الادلة النقلية والعقلية على ضرورة التكامل في المنهجية سيما التعليمية باعتبارها منطلق الوصول إلى الغايات الحقيقية والمتعلقة بمسيرة الانسان في الدنيا والآخرة؛ لذلك نجد أن الشرائع السماوية ركزت على جوانب مهمة في المسيرة التوعوية والتعليمية والتبليغية, وعملت على توثيق عرى الدين وصلاح الفرد والمجتمع بإسنادها إلى ركائز أساسية تمنعها من الردى وتهديها إلى الصلاح والهدى, وهذه الدعامات والركائز لا تنحصر بدين دون آخر, أو شريعة دون أخرى.

ولما كان الاسلام آخر الشرائع وأكملها, كان لا بد من أن يتمتع بأوثق العرى وأفضل الوسائل التي يمكنها أن تواكب التطور والتقدم الحاصل على مرِّ العصور والسنوات, وأن لا يعجزه أو يخيفه امتداد العلم ووصوله إلى الدرجات العالية؛ بل لا يتقاطع معه, ومن أجل ذلك عمد الرسول صلى الله عليه وآله , إلى تأسيس برنامج متكامل قائم على التمسك بالقرآن والعترة؛ ليحرز الناس بذلك أنهم على النهج النبوي القويم أيمنا كانوا وحيثما وجدوا, إذ قال صلى الله عليه وآله: (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي...), وهذا الدستور الالهي النبوي يضمن النجاح والوصول إلى رضا الله تعالى باعتبار أنهما كما أشار صلى الله عليه وآله: ( لن يفترقا حتى يردا علي الحوض), فمن اتبعهما بلغ مراده في اقتفاء الاثر النبوي المبارك ولن يخيب سعيه, ومن جانبهما أو جانب أحدهما وتوكأ على الآخر فلن يصل, مهما بلغ مجهوده؛ بل يجيبه القرآن بقول الله تعالى والعياذ بالله: (وقدمنا إلى ما عملوا من عملاً فجعلناه هباءً منثوراً), نعم كان لهم أعمال ولكن لا تقبل عند الله؛ لأن الله تعالى يتقبل ممن اجتمع عنده سبل الوصول, وليس بكثرة الاعمال, وكما هو معلومٌ فإن ابليس عليه اللعنة والعذاب عبد الله ستة آلاف عام؛ ولكن ضيَّعها في لحظة الاختبار بعدم الالتزام بالدخول إلى ساحة القدس الالهي من بوابة آدم عليه السلام.

لذلك اليوم نحن بحاجة إلى مراجعة حقيقية لمناهجنا التي نعوِّل عليها, ونعتقد انها مناهج هداية وتسديد, وأن لا تخلو من الاعتصام بالقرآن والعترة الطاهرة, وهذه دعوة حقيقية إلى المدارس الدينية التي أفرغت مناهجها من القرآن, أو جعلت الدرس القرآني درسا هامشياً اعتبارياً لا قيمة لها في جدول الدروس, بل البعض جعل الدرس القرآني درساً كمالياً, وعليه فقد أحسن الكثير من أبنائنا علم الفقه والاصول والالهيات وبعض الفلسفة والمنطق, ولكن لا يُجيد شيئاً من القرآن, وهذا بلاء عظيم يتحمله القائمون على مناهج المدارس الدينية, ولا يخفى أن البعض اجتهد في فروع العلم كثيراً ولم يتزود بشيء من القرآن بمراتبها تلاوة وحفظاً وتدبراً, مع العلم أن أصل العلوم هو القرآن, والذي يتسلح به إلى جانب روايات أهل البيت عليهم السلام يحرز المنهج القويم المستند إلى الركائز الاسلامية الحقيقية الصحيحة, ومن جانب آخر فقد ابتلينا بالكثير من المدارس التي اهتمت بالقرآن وتركت العترة فطاش سهمها بعيداً عن مرامها, واعتمدوا غير منهج أهل البيت عليهم السلام فظهرت التناقضات بشكل جلي وواضح في منهجهم, حتى اضطرهم إلى تأويل الكثير من الاحكام؛ بل الجهر بمخالفة القرآن بالاستناد إلى الروايات التي لم تنقل عن سلسلتها السليمة والرصينة التي أمرنا النبيُّ صلى الله عليه وآله بالرجوع إليهم خاصة في فهم النصوص وتشريع الاحكام, وهم آل البيت عليهم السلام الذين جعلهم الله تعالى حجة على العباد في كل بلاد وأوان.

إن الفطرة السليمة التي جعل الله الناس عليها هي فطرة الاسلام, والاسلام قائم على القرآن العترة من أهل آل البيت عليهم السلام, وبهما نحقق الامن والامان في الدين والدنيا والآخرة, لذا يستلزم هذا الامر أن نشمَّر سواعدنا ونتعاهد الصلاح ونعمل على اعادة النظر في منهجية المدارس الاسلامية أو الدينية كما يعبر عنها البعض, ونحاول تدارك ما فاتنا بتوجيه الامر والعمل ابتداءً على تسليح طالب العلم بالقرآن ثم توجيهه الوجهة السليمة في معرفة عقائد الاسلام ومفاهيم الرسالة وأحكام الدين, ليكون مناراً ينير الطريق للسالكين والراغبين في الوصول إلى الغاية التي من أجلها خلقنا الله تعالى من معرفته وطاعته على وفق ما أوجبه تعالى لا على وفق ما تشتهيه الانفس الامارة بالسوء, والتي انطلت عليها هوان الدنيا فخسرت آخرتها.        

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك