الصفحة الإسلامية

الامام محمد الباقر وتوارث الحقد الأموي على آل البيت


 

* جميل ظاهري

 

توارث بنو أمية حقدهم الدفين البغيض لبني هاشم منذ بدء الرسالة النبوية المحمدية في العام العاشر قبل الهجرة ، بعد أن زرعه جدهم الطليق "أبو سفيان واسمه صخر بن حرب بن أمية الأكبر" الذي لم يدخل الاسلام إلا يوم فتح مكة بعد أن رأى مرحمة الرسول الاعظم محمد (ص) عندما قال "من دخل بيت أبو سفيان فهو آمن".

لكن الحقد والحسد والجاهلية التي أعمت قلوبهم قبل أبصارهم توارثوها واحداً بعد آخر هم وأبنائهم وأحفادهم وأتباعهم وأنصارهم حتى يومنا هذا وما من فترة زمنية تمر على الأمة الاسلامية حتى يرسم بنو أمية وأتباعهم صورة من صور الإجرام الدموي البشع الذي يقترفوه ضد أهل بيت النبوة والرسالة والامامة عليهم السلام وأنصارهم وأتباعهم وما يحل ومنذ عشر سنين من إرهاب وإجرام يستهدف شيعة أهل البيت في العراق وباكستان ولبنان وسوريا والانتهاكات الصارخة بحقهم في البحرين وأبناء المنطقة الشرقية بالسعودية إلا نموذج من تلك السياسة الأموية الحاقدة والاجرامية.

وقد تفنن بنو أمية الأجرام بحق أهل البيت عليهم السلام وأتباعهم ومحبيهم من القتل بالسيف حتى دس السم والغدر والخيانة والطعن من الخلف بجنح الليل الدامس خلال فترة سلطتهم على رقاب المسلمين والتي بدأها "معاوية بن أبي سفيان" أبن "هند بنت ربيعة" صاحبة العلم الأحمر في مكة ، عندما تولى السلطة بأمر من الخليفة الثاني عام 21 للهجرة بعد أن مات أخوه "يزيد بن أبي سفيان" من "طاعون عمواس" عندما كان حاكماً على الشام والذي شمل جميع أنحاء الشام سنة 18 للهجرة (وقيل تأخر موته حتى فتح قيسارية سنة 19 للهجرة)، وكانت فاجعة الطف بكربلاء والتي استشهد خلالها العشرات (72) من خيرة بني هاشم والصحابة والمؤمنين الذين كانوا مع الامام الحسين بن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليهما السلام حتى طفله الرضيع الذي لم يبلغ الأشهر الستة بعد ، أبشع صور الحقد الأموي ناهيك عن المؤامرات التي استهدفت اغتيال وقتل الامام الحسن بن علي عليهما السلام رغم توقيع "معاوية" وثيقة السلام معه حتى دس اليه السم عبر زوجته اللعينة ".

ونحن لسنا بصدد استعراض الاجرام الأموي كله لأن المقال والمكان والزمان لا يسعان لذلك ومن أراد أن يقف على حقيقة بنو أمية عليه مراجعة كتب التأريخ التي كتبها العامة قبل الآخرين ومنها المسانيد والصحاح وتاريخ دمشق وشرح نهج البلاغة لأبي الحديد المعتزلي وغيرها وما آخر ما كتب بهذا الخصوص هو المقال الذي كتبه الأديب المصري "أسامة أنور عكاشة" تحت عنوان "هؤلاء هم الرجال الذين اسسوا الدولة الاسلامية" واستند فيه الى مصادر ومراجع معتبرة في التاريخ والسيرة .

كل تلك الصور لم ولن تكون بعيدة عن امامنا ومقتدانا الامام محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليهم السلام الذي كان حاضراً في فاجعة الطف بكربلاء وهو في سن الخامسة من عمره الشريف ولم تغب عنه تلك الصورة المأساوية طيلة حياته حتى قتل مسموماً بحقد الطاغية الأموي ونحن نعيش اليوم ذكرى استشهاده المفجع والمؤلم، حيث اغتاله الحاكم الأموي "هشام بن الحكم" المعروف عنه من أكثر حكام بني أمية حقداً وكراهية لآل البيت (ع) ، فقام باعتقال وسجن الامام محمد الباقر (ع) بعد أن ذاع فضله (ع) بين أهل الشام عندما كان الامام الباقر (ع) هناك بأمر من "هشام"، وفي السجن بدأ الامام (ع) يلقي بمحاضراته وعلومه وآدابه أمام السجناء الذين احتفوا به وقدروه تقديراً عظيماً. ولما علم بذلك "هشام" أمر باخراجه من السجن وإرجاعه إلى المدينة خوفاً من الفتنة. وهناك كلف واليه في المدينة المنورة "إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك" بدس السم اليه مخلوطاً بالماء والعسل المسموم (الأئمة الاثنى عشر لابن طولون ص 281- المناقب ج4 ص 690 والبحار ج11 ص 75).

لقد كان للامام محمد الباقر (ع) دور كبير في إحياء الروح الثورية الحسينية ، و إلهاب الحماس في النفوس المؤمنة بالله عزوجل ورسوله (ص) ضد الحكام الظالمين، حيث جعل الثورة الحسينية حية في نفوس الناس تمنحهم طاقة ثورية لخوض المواجهة مع الظلم والظالمين في كل الظروف والمناسبات وقتها وظرفها المناسب عبر تأكيده على إحياء الشعائر الحسينية عبر إقامة مجالس العزاء والدعوة لزيارة قبر الإمام الحسين (ع) وأصحابه الميامين (ع) وإنشاء الشعر والمراثي يصور الفاجعة الدموية المؤلمة التي دارت يوم عاشوراء عام 61 للهجرة .

فقد كان عليه السلام يقول:"من ذرفت عيناه على مصاب الحسين ولو مثل البعوضة غفر الله له ذنوبه"( بحار الأنوار: 98)، ويقول:"مروا شيعتنا بزيارة الحسين بن علي، وزيارته مفترضة على من أقرّ للحسين بالامامة"( بحار الأنوار: 44 / 293)، فيما بذل من أمواله لنوادب يندبن بمنى أيام الموسم (مقتل الحسين للمقرّم: 106).

لقد ترك الامام أبو جعفر (ع) ثروة فكرية هائلة تعد من ذخائر الفكر الإسلامي، ومن مناجم الثروات العلمية في الأرض وفتق أبوابها، وسائر الحكم والآداب التي بقر أعماقها، فكانت مما يهتدي بها الحيران، ويأوي إليها الظمآن، ويسترشد بها كل من يفيء إلى كلمة الله سبحانه وتعالى.

ووقف الامام الباقر (ع) حياته كلها لنشر العلوم الاسلامية ونشر المثل الانسانية بين الناس، وعاش في مدينة جده (ص) يثرب كالينبوع الغزير يستقي منه رواد العلم من نمير علومه وفقهه ومعارفه، عاش لا لهذه الأمة فحسب، وإنما عاش للناس جميعاً. وكان له (ع) دور عظيم في تفسير القرآن الكريم فقد استوعب اهتمامه فخصّص له وقتاً، ودوّن أكثر المفسرين ما ذهب إليه وما رواه عن آبائه في تفسير الآيات الكريمة.

لقد قام الامام أبو جعفر الباقر (عليه السلام) بأسمى خدمة للعالم الاسلامي، فقد حرّر النقد (العملة النقدية) من التبعية للإمبراطورية الرومية وعلى عهد الحاكم الطاغية الأموي "هشام"، حيث كان النقد يصنع هناك ويحمل شعار الروم النّصارى، وقد جعله الامام (ع) مستقلاً بنفسه يحمل الشعار الاسلامي، وقطع الصلة بينه وبين الروم.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك