الصفحة الإسلامية

الامام الهادي والتصدي لتشويه صورة الاسلام المحمدي


* جميل ظاهري

 

واجه الدين الإسلامي الحنيف وبعد رحيل الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم انحرافاً خطيراً في صميم المجتمع الإسلامي الحديث العهد على الصعيد الاجتماعي والسياسي في ادارة الدولة طبقاً للعدل والقسط والمساواة وعادت القيادة والقاعدة الى العهد الجاهلي.

اخذ هذا الأمر المرير يتسع ويتعمق على مرّ الزمن بدافع من السلطة الأموية والعباسية المنحرفين بتشويه الصورة الواقعية للدين الاسلامي المحمدي الاصيل والتمهيد لتثبيت خط الانحراف على طول التاريخ كي تضحي التجربة الاسلامية لادارة الدولة والمجتمع مليئة بالتناقضات وعاجزة عن مواكبة الحدّ الأدنى من حاجة الاُمّة ومصلحتها الاسلاميّة والانسانيّة.

حينما يتسلسل الانحراف في خط تصاعدي فمن المنطقي أن تتعرض التجربة بعد مدى من الزمن لانهيار كامل وهو الهدف المنشود لبني أمية ومن بعدهم بني العباس ليعودوا الى جاهليتهم وقبليتهم ويمسكوا بقبضة حديدية على رقاب الناس و يأمرونهم بعبادة الاوثان ولكن هذه المرة من جنس الحكام الطغاة والمتغطرسين وشاربي الخمور كما هو الحال مع غالبية بل معظم حكامنا في البلاد العربية.

اريد بذلك أن تتعرض الدولة الاسلامية ومجتمعها وحضارتها وقيادتها للامة الى الانهيار الكامل; أي أن تسقط الحضارة الاسلامية وتتخلى عن قيادة المجتمع ويتفكك المجتمع الإسلامي، ويُقصى الاسلام عن مركزه كقائد للمجتمع وكقائد للاُمّة ومن ثم لم تجد هذه الاُمّة نفسها قادرة على تحصين نفسها بعد انهيار التجربة والدولة والحضارة بعدما اُهينت كرامتها وحُطِّمتْ ارادتها وغُلّت أياديها عن طريق الزعامات التي مارست تلك التجربة المنحرفة وبعد أن فَقَدتْ روحها الحقيقية، لأن تلك الزعامات كانت تريد اخضاعها لزعامتها القسريّة.

من الطبيعي أن تنهار الامة الإسلامية باندماجها مع التّيار المنحرف الذي الذي نما في داخلها ومن ثم تذوب وتذوب رسالتها المحمدية وعقيدتها الفذة وتصبح خبر كان بعد أن كانت أمراً حقيقياً على مسرح التاريخ وبهذا ينتهي دور الاسلام نهائياً.

من هنا ينطلق دور الأئمّة المعصومين الاطهار عليهم السلام الذين اُوكِلت لهم هذه المهمة الربانية في صيانة التجربة والدولة والاُمّة والرسالة الإلهية التي بقت صامدة وشامخة حتى يومنا هذا مرفوعة الرأس يشدوا اليها الجميع للوصول الى ساحل العزة والكرامة والأمان.

ومن بين أئمتنا الهداة أنوار الطريق القويم الامام علي بن محمد الهادي(عليهما السلام) والذي نعيش اليوم ذكرى ميلاده الميمون والمبارك حيث امتازت امامته بقوة المؤمنين وتوسعهم في داخل المجتمع وداخل الدولة مما أرعب نظام المتوكل العباسي وجعل الخليفة المتوكل يهتم بهذا الأمر وبالفعل امتاز بالشدة والملاحقة والتصفية الجسدية لأنصار الإمام الهادي (ع) وكان النظام القمعي العباسي شأنه شأن الانظمة العربية الحالية خاصة في دول مجلس تعاون الخليج الفارسي والاردن والمغرب، يراقب بقبضة حديدية مواقع تجمع المعارضة ليمنعهم من التواجد فيها ولما كان يعتبر قبر الإمام الحسين(عليه السلام) الشهيد نبراس الثائرين والمظلومين فكانوا يجتمعون حول القبر يزورون ويتزودون صبراً وقوة وإصراراً على الجهاد والثورة لذلك أمر المتوكل بنبش القبر وحرثه ويذكر السيد الحسني رواية تاريخ ابن الأثير وتاريخ الطبري: أنه في تلك السنة هدم قبر الحسين بن علي (ع) وسواه بالتراب ثم أمر بحرث الأرض وزرعها لتضيع معالمه وقتل عدد كبير من زواره وبالتالي فرض عليهم الضرائب وشتى أنواع العقوبات ليُمنعوا عن زيارته وكان يستهدف كسابقيه عزل الإمام عن الجماهير ومنعه من أداء دوره القيادي في الأمة وكان أسلوب النظام يمتاز بالعنف والحديد والنار فعلى مستوى القائد الإمام الهادي(ع) كان يؤخذ إلى سامراء ليتم الإشراف عليه ومراقبته بشكل مباشر وعلى مستوى الجماهير كانت السلطة تلاحقهم عند قبر الامام الحسين(ع) لتمثل بهم كضريبة طبيعية للزيارة المباركة.

وتصدى الإمام الهادي (عليه السلام) في فترته الطويلة من الامامة للفلسفة الانحرافية التي انتشرت وبشكل كبير في مختلف أرجاء البلاد الاسلامية والتي كانت تثيرها المدارس الفكرية كالمعتزلة والأشاعرة فيما كانت الخلافة العباسية تتبنى إحدى المدرستين وذلك لأهداف سياسية معروفة حيث يؤتى بالخصوم ويسأل مثلاً عن خلق القرآن الكريم ؟ هل هو قديم أم مخلوق؟. فإذا قال قديم فهنالك من يكفره ويأمر بقتله لأنه سيؤمن بتعدد القدماء ولا قديم إلا الله. . . وإن قال مخلوق فهنالك من بكفّره ويأمر بقتله لأنه يؤمن بأن القرآن مخلوق أي مختلق ليس وحي منزَل من قبل الله عزوجل !.

وسعى امامنا الهادي (ع) في تحصين الأمة وتحمل العناء في ظل أجواء الترف والبذخ والرئاسة مما دفع بالسلطة وخوفاً من فشل مخططاتها الشيطانية وبغية عزل الامام (ع)عن أجهزته القيادية وقواعده الشعبية الى نقله الى مدينة سامراء ووضعه تحت الرقابة الأمنية المشددة، ولكن رغم كل هذه القسوة كان الامام علي الهادي (ع) يتدارك الأمر ويعالجه بالتحرك السري التام مع أنصاره وأصحابه ويوسع القاعدة الاجتماعية ويحصنها عبر أساليب الاتصال السري والعمل بواجبه كقائد رباني في هداية الأمة .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك