الشيخ خيرالدين الهادي الشبكي||
تستهدف الثقافة الغربية المجتمعات الاسلامية عبر وسائل مختلفة, وتستبطن الخبث لإبعاد المسلم أو المسلمة عن ثوابته ومبادئه التي لطالما أكدت الشريعة السمحاء على التمسك بها من أجل خلق مجتمع متوازن يتحقق فيه سلامة الدين والدنيا والآخرة, ولما تباينت قدرة الناس في الحفاظ على الثوابت والتعاطف مع المتغيرات دون وعي أو الميل إليها بقصد التطور أو مواكبة العالم في الوصول إلى كل ما هو جديد حتى سقط في فخ ذلك الكثير من أبناء المجتمعات الاسلامية.
أن ثقافة العري الذي استشرى في المجتمعات الاسلامية ثقافة دخيلة؛ والاسلام حذر منها ولم يرض الله تعالى عن هذه الصفة إلا للعاصين له, وقد ثبت عندنا أن الله تعالى جعل معظم الحرام في الدنيا حلالاً في الآخرة إلا العري فقد حرَّمه سبحانه وتعالى في الدارين, إذ قال تعالى: (إنَّ لك الاَّ تجوع فيها ولا تعرى), ولا يخفى أن الله تعالى حينما غضب على آدم وحواء عاقبهما فانتزع عنهما لباسهما وأراهما سوءاتهما, ليكون ذلك دليل غضب الله عليهما بعد عصيانهما, ومن المناسب جداً أن ندرك أن خطر ثقافة العري أكثر ما تستهدف هي الفئات الشابة التي لا زالت طور التكامل, فالشابة تميل إلى كل جديد وتتحكم إلى عاطفتها التي تغلبها فتسقط في اختبار الحشمة والحياء, والشاب يعيش عنفوان القوة وجياشة الصحة ويميل إلى التغيير فيسقط في اختبار الكرامة والغيرة, حتى بلغ الحال أن تكون النساء دون حياء والرجال دون غيرة عليهنّ, والحال أن ملابس المرآة وحشمتها تحكي تربية أبيها وعفة أمها وغيرة أخيها ورجولة زوجها, والمرأة التي تخرج من بيتها متزينة وظاهر عليها ذلك لن تكون ملعونة لوحدها؛ بل يشاركها زوجها وولي أمرها أيضا, وعلى هذا فان المسؤولية مشتركة وصراع العاطفة والحكمة قائمة طالما نحن في دار الابتلاء.
إن مما ينبغي أن ندركه هو ضرورة المحافظة على الثوابت الاسلامية وعدم الانجرار إلى ثقافة الغرب الوضيعة التي استحدثتها من لا دين لهم ولا أخلاق, ولا يخفى أنَّ المجتمعات الغربية تعيش حالة من الانفلات والانفكاك الاسري فليس هناك أخ أو أب ليعاتب أو أمٌّ ليُلقى عليها الملامة كما هو الحال في الاسلام, قال تعالى: (يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سَوءٍ وما كانت أمك بغياً), فالقرآن يذكر بالأخ والاب والام, ووجود الولي يستلزم مراقبة الأبناء وتربيتهم بما يناسب الظاهر الاسلامي ولا يخدش بالمبادئ العامة للمسلمين فضلاً عن المؤمنين.
من الجدير بالذكر أن المرأة إذا ماتت يقف الناس على قبرها ويسألون أين أخاها وأباها وبعلها فيتزاحمون عليها ويطوقون قبرها والمكان كي لا يطلع عليها أحد من الأجانب وهي ميتة, وتتعالى الأصوات أن غطوا الجنازة وأبعدوا الناس عنها فإنها إمراة, رعاية لوضعها وخصوصيتها, أ ليس من الاولى الانتباه لها وهي حية, والحفاظ عليها وهي تمشي بين الذئاب مكشوفة الرأس عارية الجسم تكشف عن جسدها ملابسها الضيقة وتلعب الريح بها شمالاً وجنوباً لتكون أضحوكة المارة وحديث لسانهم, في حين أن المرأة في الاسلام كالجوهرة التي ينبغي المحافظة عليها من كل نسمة ليس فقط من الرياح, وقد عمد الاسلام الى تشريع القوانين التي تحافظ عليها وتسترها من كل طارق وحادث.
ومن المهم أن ندرك أن المسؤولية الشرعية تقضي أن يكون للولي دور في سلوكيات أفراد عائلته فيلتفت إلى الولد وثقافته وخُلانه الذين يصحبونه ويجالسونه ويسهرونه معه, ويلتفت إلى الوسائل الاجتماعية التي يسهر عليها ويقضي اكثر وقته معها؛ لأنها قد تسرق منا أبناءنا وبناتنا من حيث لا نعلم, وتجعل منهم أعداءً لنا ولديننا ومذهبنا, فتسلبهم ثقافتهم وتجعلهم أسرى أمام ارادات الثقافة الغربية فتكون النساء عاريات وكاسيات في آنٍ واحد ويكون الشباب ممسوخين بظاهرهم الغريب في الملبس وشعر الرأس ونوع المداس ولون القميص وعطر المخانيث وغير ذلك مما استوردناها من الثقافات التي صدَّرها الغرب إلينا فكانت سبب سقوط المجتمع وحرمان التوبة واليأس من الاصلاح.
https://telegram.me/buratha