عبد الحسين الظالمي||
لم تعد قضية كربلاء وواقعة الطف قضية تنحصر في مراسم شهر محرم وصفر بل اصبحت غذاءروحي لطيف كبير من البشر بمختلف الاعراق والاجناس ،ولم تعد محصورة في رقعة معينة من بعض دول كما هو الحال لعدت قرون بل اصبحت اليوم قضية عالمية لا تخلوا دولة من اغلب دول العالم الا ولذكر الحسين نصيب فيها .
حاول الاعداء تحجيمها ولكن ما حدث هو العكس تماما اذا اصبحت من اكثر الاحداث شهرة على مر التاريخ اذا لا تضاهيها حادثة اخرى في الاستمرار والانتشار بنفس القوة والتاثير .
تحولت من مجرد حالة تعاطف وألم وحزن الى حالة عشق تجذر في اعماق النفوس اذ اصبحت الالسن تلهج بذكر الحسين واهل بيته في العمل وفي البيت وفي السفر فلا يخلو مكان او بيت او عجلة في سفر من قصيدة او نعي او ذكر للحسين، اذا اصبح الحسين نشيد ردده من يعمل ومن يسوق ومن تطبخ، في صالات الحلاقه والمحلات وفي اماكن تجمع الشباب الواعي.
ارادوا تحجيم قضية الحسين وحصرها وقد حدث العكس ، قضية الحسين الان قضية اكبر من كونها قضية تخص ابناء المذهب الشيعي .
فقد اصبحت قضية الاحرار والمناظلين والمصلحين الذين يرفضون الظلم والانحراف .
كانوا يتهمون من يمارس شعائر الحسين بشتى الاتهامات ومنها ان هذه الطقوس مجرد لطم واكل قيمة ومجرد شعارات فارغة، فاراد الله سبحانه وتعالى ان يرى الناس بأام اعينهم حقيقة تاثير هذه الشعائر حين تجسدت على ارض الواقع بفتوى لا تزيد على سطرين من كلام مرجع الى دماء تسيل ورواح ترتفع وهي تنادي لبيك ياحسين وتصول وتجول رايات الحسين في المنازلة الكبرى مع داعش الانحراف التي كانت امتداد لنفس المنهج الذي قتل الحسين ع. وحين جسد ابناء الحسين كرم الحسن ابن علي في الضيافة التي اذهلت العالم!
فمتى يجسدون ذلك في السلوك ليكون مثال يحتذى به وتحكى عنه الرويات مثلما تحكى عن ذلك قصص مسيرة الاربعين ؟.
لذلك نقول لا تخوفون الناس بالموت بالوباء في مراسم الحسين لان الموت لا يثني هولاء بل حثوهم على الالتزام بالوقايه من الوباء حبا بالحسين و منعا للضرر الذي ربما يستبب به التجمهر وهذه اقرب للتطبيق والالتزام .
ونحن نعيش اليوم اجواء عاشوراء فما احوجنا فعلا الى ان نعيش روح واقعة الطف في ارواحنا وسلوكنا ليتحول العشق للحسين الى منهج اصلاح للنفوس قبل اصلاح الواقع، فما اكبر حاجتنا الى الوفاء والاخلاص الذي جسده العباس؟وكم نحن محتاجين الى موقف كا موقف زينب بالصبر والتحمل من اجل قضيتنا الكبرى ؟ وكم نحن بحاجة الى التفكير بان الحياة ليس جد واجتهاد فقط بل توفيق من الله والتوفيق يحتاج الى معرفة والتزام؟
وكم محتاجين الى ان نجسد قضية التضحية بالارواح الى تجسيد بالتضحية بالوقت والجهد والمال في اصلاح نفوسنا لنكون مصداق قولة تعالى ( الذين يجاهدون باموالهم وانفسهم ).
افضل الرسائل التي يمكن ان نرسلها للعالم كما نفعل في الاربعين هي التي تجعلنا نحول كل ايام السنة الى اربعين حسيني بالسلوك والتصرف والالتزام وما احوجنا لذلك ليكون مصداق خروجنا للمراسم قول الحسين (اني لم اخرج اشرا ولا بطرا بل خرجت لاجل الاصلاح في امة جدي ) وما اقرب هذه الامة من امة جوانحنا وانفسنا ونحن عليها اقدر .
حب الحسين نشيد عشق وعلى العاشق ان يجسد حبه عمليا لمحبوبه ليثبت صدق محبته
وان يقتفي اثار محبوبه في كل حركة وسكون، لم يكن الحسين وائمة اهل البيت عليهم السلام بحاجة الى دموعنا وطبخنا وقيمتنا ومواكب العزاء الا من اجل اثبات هذا المظلومية للدين والمنهج القويم اولا وثانيا لنكون مثال يحتذى به على خطى ابطال الواقعة،
الحسين يحتاج منا سلوكا كسلوك العباس والحر وحبيب ابن مظاهر وصوره من صورعابس وجون وفعلا زينبيا صادقا شجاعا لا تاخذنا في الله لومة لائم في قول الحق ولو على انفسنا .
هكذا يصبح الحسين نشيدنا ونغم حياتنا في حلنا وترحالنا وفي اي مكان نكون لتكون كل (ارض كربلاء وكل يوم عاشوراء). وهذا افضل جواب لذلك النداء الخالد (الا من ناصر ينصرنا وداب يدب عن حرمنا ) واليوم حرم الحسين ع مبادىء ثورته ونهج مسيرته .
نسال الله ان يرزقنا شفاعة الحسين في الدنيا والاخرة وان يثبتنا على نهج الحسين بالقول والفعل ان شاء الله .
https://telegram.me/buratha