محمد هاشم الحچامي||
كل أمة من الأمم لها رموز ومراكز ومؤسسات كأشخاص وبنايات تَشِدُ لها المؤمنين وتوحدهم حولها .
ومن أعظم تلك الرمزيات الإسلامية هي مكة وقبر النبي والأزهر والزيتونة والنجف وكربلاء وقم
هذه الأماكن هي أكثر من مقدسة فهي مناطق جذب وتوحيد وتجميع المؤمنين حولها .......
وهنا اشكال الوهابيون فهذا التوسع بالمراكز الإسلامية وتعاظمها هو سبب عداء الوهابية لها فالازهر بعرف الوهابيين مصدر شرك وبدع والحقيقة ليس هذا هو السبب إنما السبب سحب البساط المعرفي والعقائدي والفقهي ، اي يحول جهة الفتوى من الجزيرة إلى مصر وبالتالي ترتبط الزعامة مع الجانب العلمي المؤثر وهكذا الزيتونة كمركز اخر في شمال افريقيا ينافس مراكز الجزيرة العربية الفقهية والعقائدية ....
وهو ينطبق على كربلاء والنجف وقم فلم يكن عداء الوهابيين معها لانها مراكز بدع وعبادة اوثان أنما السبب هو تحويل الرمزية من مكة إلى تلك المدن وهذا ما يفقدهم نقطة مهمة وهي الزعامة الروحية للعالم الإسلامي .
فلو قارنّا ما يدعيه الوهابيون من شركيات مزعومة في الأزهر وكربلاء وغيرهما مع ما موجود في الجزيرة لتساوت المعادلة - من باب الزموهم ما الزموا به أنفسهم - إحدى الادعاءات الوهابية أن ضريح الحسين فيه قبر وحكمهم تحرّم الصلاة لمكان فيه قبر !!! وهذا إن اسقطناه على البيت الحرام الذي يصلي له المسلمون لحرمت الصلاة لان هاجر وإسماعيل مدفونان جوار الكعبة المسمى حجر اسماعيل ومعهم الكثير من الأنبياء ربما يجيب أحدهم أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) صلّى اليه وبالنتيجة نتعبد بهذا الفعل النبوي ، وهذا بحد ذاته دليلاً اولاً على بطلان ادعائهم فما دام الفعل قام به رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فهو مباح ومستساغ ولا إشكال من حيث المبدأ بفعله !! وبالنتيجة يسقط حجة الوهابيين ويهدمها هدما وهو - في الوقت نفسه - يثبت الطرح الذي قلناه من ألاشكال هو سياسي مرتبط بقيادة المسلمين وبالرغبة ببقاء الزعامة بيدهم ....
فهناك الكثير من الشركيات حسب التعريف الوهابي فالنشيد الوطني والتصوير والحدود بين الدول هي ليست شرعية كما هو معمول به في السعودية الوهابية !!
بالتأكيد لم يفعلها النبي ولا احد من الصحابة ...
و التحالف مع اليهود والنصارى لم يفعلها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟! .
وادخال جيوش الشرك إلى جزيرة العرب هو اشكال لا يمكن ترقيعه فهو خلاف طرد المشركين منها كما يدعي محدثوا الوهابية بأن النبي أخرجهم منها !! وبالتالي عودتهم غير مسموح بها لذلك الحكم الشرعي
فكيف قبلت المؤسسة الوهابية عودتهم إليها بحجة مقاتلة صدام وعذرهم بحد ذاته اشكال فهو كفر بالمنطق الوهابي لأنهم استعانوا بالمشركين لمقاتلة رجل مسلم يعترفون بإسلامه حتى يوم الغزو ؛
لهذا بعد الغزو افتى ابن باز بكفر صدام ليخرجوا من تلك الورطة ؛ والتي جرّت عليهم وعلينا الويلات فأهم اسباب انتشار القاعدة هو هذا الإشكال اي الاستعانة بالغرب المسيحي على حاكم مسلم ولو ظاهريا - وإلا صدام فعل كل الموبقات -
هذا الإشكال ما استطاعت الوهابية حلّه الا بالهروب للأمام وإعادة الطرح السابق لإلهاء الناس ألا وهو أن النجف وكربلاء وغيرهما مراكز شرك يجب هدمها ..
وحينما عجزت انتقلت إلى طرح بديل وهو تحريك جمهور هذه المراكز تحت عنوان العلمانية ومواجهة القداسة التي دمرت البلد - أتحدث عن العراق - فحركت قطعانا ً من السذج والمدفوعين للقيام بهذا الفعل كي تعود الرمزية والمركزية لمكة ويبقون هم قادة العالم الإسلامي ...
كنت أتوقع أنّ هجوماً سيقع على ضريحي الامامين علي والحسين ( عليهما السلام ) من الاوباش السذج بعناوين شتى ظاهرها مطلبي اي إعادة تلك الأموال للفقراء وباطنها تدمير تلك المراكز لتبقى الجزيرة العربية مركزاً وحيداً في العالم الإسلامي وبالتالي مصدر النفوذ الذي عبره يتسلط الوهابيون على العالم الإسلامي .....
ومسجد أيا صوفيا يدخل في هذا الصراع فهدف اوردغان ايجاد رمزية جديدة تسحب القوة الروحية من السعوديين في محاولة لقيادة العالم السني وإعادة هيبة ومكانة اسطمبول بعد مئة سنة من ابعادها ..
لهذا وقف الخليج بقوة لمواجهته واضعافه ولا استبعد أن يتم هدم أو تفجير ايا صوفيا لكي لا تقوى وتسحب البساط من تحت اقدام الوهابيين ...
وقد سبق اوردغان بهذا العمل عبدالملك بن مروان حينما بنى قبة الصخرة وحوّل أنظار أهل الشام نحو القدس بدل مكة في صراعه مع عبد الله بن الزبير ليسلبه نقطة قوة ؛
لهذا يعتقد الكثيرون أنّ القدس لن تعود مادام هناك وهابيون يحكمون مكة لأنها ستكون منافسا جديدا لمكة وبالتالي أضعاف لقوتهم المعنوية في العالم الإسلامي ...
كل مركز ينافس قوة الوهابية في الجزيرة العربية سيتم هدمه وستُحضّر نصوصٌ ورواياتٌ من التاريخ الإسلامي لتبرير ذلك الفعل .....
https://telegram.me/buratha