الصفحة الإسلامية

آثار ثورة عاشوراء


الشيخ خيرالدين الهادي الشبكي||

 

تتجلى في احياء ذكرى ثورة الإمام الحسين عليه السلام أبهى صُور التعاطف بين أبناء الامة,  وتعيش المذاهب الاسلامية لحظات التقارب والانفتاح على الآخر, ويجتمع الجميع, وتتزيَّن مجالسهم بالتغافل عن كل الخلافات التي تكون بين الاديان والمذاهب والقوميات, وهذا الأمر وإن كان نسبياً إلى اليوم؛ إلا إنّ المتأمل إلى نهضة الحسين عليه السلام التي بدأت بمجموعة صغيرة, عصارتها بعض المؤمنين من الذين آمنوا بربهم فزادهم الله تعالى من فضله ليكونوا صدقة جارية بأنفسهم ومنهجهم لكل مهتدٍ عبر الزمن الطويل ومن مختلف بني البشر. 

إن عالمية ثورة الحسين عليه السلام كانت واضحة, ولعل تركيز الحسين عليه السلام في جمع هذه النخبة ومن مختلف القوميات والاعراق والالوان والاجناس؛ بل وحتى الاديان كان مقصودا فاليوم يشعر الجميع بالانتماء إلى هذه الثورة وقد لاحظنا ترجمة ذلك من خلال المواكب المتنوعة والمختلفة من السنة والشيعة والمسيحيين والصابئة والعرب والكرد والأقليات القومية المختلفة وكثير من الاجانب, وقد خلق هذا الجو العالمي ظاهرة مفعمة بالتوادد والمحبة بين سائر المجتمعين, وهذا بحد ذاته أوجد تقبل الثقافات وتقاربها حتى أن الخلافات الكثيرة تطرح جانبا في الاجتماع تحت خيمة الحسين عليه السلام وبذلك توفق الكثير من الأخوة إلى اللقاء والتشاور والتناصح ليستيقن الجميع أن المشتركات كثيرة وعنوان الحسين عليه السلام كان كفيلا باجتماعهم وتماسكهم؛ للتعبير عن صورة انسانية متكاملة يستوي فيها المتصدون على اعتبار انهم جزء من المشروع ويتفاوتون في التعبير عن انتماءهم وطريقة تفاعلهم مع هذه الثورة الخالدة .

والملفت للنظر أن هذا التجمع الحسيني ترك آثار كثيرة وفي المستويات المتعددة, ففي الجانب الاجتماعي كشفت النهضة عن القدرات الخفية والتي لا نتوقعها في غيرها حيث الفقراء يقومون بإطعام الاغنياء واصحاب الاحتياجات الخاصة يقدمون خدماتهم بالمجان إلى الاصحاء, وقد ظهر ذلك جلياً في طريق ياحسين, واما على المستوى الاقتصادي فقد أدرك المشاركون أن هناك أيادي خفية تعمل على سد حاجات الزوار وإن زاد عددهم عن الملايين, وأما من الجهة السياسية فلست أعلم تظاهرة اليوم أكبر أو أعظم من تجمع عشاق الحسين عليه السلام حيث يجتمعون من كل حدب وصوب دون ان يكون هناك جهات رسمية لتنظيمهم أو دعوتهم أو تتكفل باطعامهم ومسكنهم وضيافتهم, فالجميع مقتنع ان باب الحسين عليه السلام كبير وسُفرته ممتدة لتكون أطول سفرة في العالم وتقدَّم عليها الوجبات المتعددة ولأيام عديدة وكل القائمين عليها يشعرون بتقصيرهم لزوار الحسين ولسان حالهم يقول نحن بخدمتكم, وهذا الأمر يندر في موضع آخر.

إن من المهم أن يتأمل الناظر إلى هذه الخصوصيات في ثورة الحسين عليه السلام الخالدة, ويلتفت إلى أن الله تعالى ساق المعجزات والكرامات الكثيرة والمنظورة في وسط المعزيين والزوار والعاملين على خدمة الزوار بشكل زادهم إيماناً بقضية الحسين عليه السلام, ودفعتهم إلى الاستزادة  فالذي يتشرف بخدمته أو خدمة زواره لا يستطيع التخلف عنه في السنة المقبلة ويستحسن الأمر إلى درجة أنه إذا فاته يستشعر فوات الخير كله؛ بل هناك الكثير من المؤمنين يسألون الله تعالى ويدعونه ليوفقهم إلى خدمة الحسين عليه السلام وخدمة زواره, وكل هذا الامتياز لهذه الثورة وقدراتها على جذب الناس والمؤمنين بشكل اخص إنما كان ببركة ما قدَّمه الحسين عليه السلام بين يدي الله تعالى, فالله تعالى أكرمه بالتأييد والنصر الكبير؛ لتشهد حاضرة الدنيا على أن الحسين انتصر وخسر يزيد.  

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك