لؤي الموسوي
عاشوراء الإباء ومحط رِحال الآل الهُداة؛ عاشوراء الكرامة والشموخ والعِز والعنفوان في بناء الإنسان، عاشوراء الحُرية التي حررت الإنسان من قيود العبودية، عبودية الرعية لحُكام الجور والظلال ابتداءً من الظالم يزيد إلى الطاغية صدام مروراً بتجار المناصب، عاشوراء الإصلاح وتصحيح المسار، عاشوراء المجد والخلود مهما عصفت بها الظروف وحاولت بأدواتها ان تمحي اثارها، أنهزم الطُغاة امامك سيدي وبقيت علماً قائماً على الوجود.
سار الحسين إبن علي بمن معه من اهل بيته وانصاره تاركاً مكة والمدينة، متوجهاً إلى العراق بعد رُسُل القوم اليه، ان إقدم الينا يابن رسول الله هادياً مهديا، ملبياً نداء السماء وأهل الارض، لتخليص الأمة من حاكم جائر، يعاقر الخمر و مستبيح الاعراض ومنتهك الحُرمات، لم يكن خروجه "عليه السلام" لأجل سلطة ونفوذ سياسي كما روج الإعلام الأموي ومرتزقته، أنما كان خروجه لأجل الإصلاح وتصحيح المسار، لإنقاذ الإنسان من الهلاك والضياع في متاهات الجهل والظلام، مبيناً ذلك بترجمة عملياً في طف كربلاء «إني لم أخرج أشراً، ولا بطراً ولا مفسداً، ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهي عن المنكر فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن رد علي هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق، وهو خير الحاكمين.
يوم العاشر من المحرم تتمه لما بدء به جده المصطفى "صلى الله عليه وآله" في هدي الأمة، تصدى السبط الشهيد بنفسه الطاهرة ومن معه على قِلة العدد وخذلان الناصر في مواجهة الحاكم الظالم يزيد ابن معاوية "لعنهما الله"، في سبيل نصرة دين الله والإنسان معاً، لهذا كانت دماء السبط الشهيد البلسم للدين الإسلامي الحنيف، التي حافظت تلك الدِماء الطاهرة على الخط الإسلامي الأصيل؛ الذي يتسم بالرحمة والسماحة والعدالة، في حفظ كيان الإنسان المتمثلة بكرامته وحريته.
السلام عليك سيدي يا ابا الشهداء، رسمت لنا طريقاً نرفض فيه الظلم والجور مهما كانت تبعات هذا الطريق، حين أسست للأجيال قاعدة الإباء "لا اقر ولا أفر ومثلي لا يبايع مثله"، لهذا اتخذ الاحرار طريقك الذي عبدته بدمائك في مواجهة اهل الظلال، وتاريخ العراق المعاصر كان خير برهان، حين ترجمه اهل العقيدة والرأي الحُر في مواجهة المد الاحمر والبعث الصدامي، الذي قدم اهله الكثير من القرابين على مذبح الحُرية للتخلص من عصابة البعث إلى تحقق ذلك الحِلم بفضل الدماء والصمود واهات الجراح وأنين الارامل واليتامى والثكالى.
موقفك ابا الشهداء في يوم العاشر بث فينا الحياة.. ان يوم الطف لم يكن فيه أستشهادك، كذب الموت فالحسين مخلدا كلما مر الزمان ذكره تجددا، انما كان يوم مولدك ومبعثك من جديد، دمائك الطاهرة بعثت فينا الأمل والطمأنينة بعد ان كانت عدم، دمائك الطاهرة وموقفك يوم عاشوراء زلزل عروش الطغاة، ذهب الطُغاة وأصبحوا نسياً منسيا تلاحقهم اللعنات، وبقي رسمك وأسمك على مر العصور يزداد ألُقاً، رايتك خفاقة تصفع الظالمين وترعب المستبدين، رايتك راية هُدى و نجاة فخُلد ذِكراك، وها نحن اليوم، نُحيي ذِكراك التي مر على الواقعة قُرابة 14 قرن مضى، اي خلود هذا سيدي.. سيدي قدمت كل ما تملك لله فأعطاك الله الخلود في الدنيا والمنزلة الرفيعة في الآخرة، يغبطك عليها الأولون والآخرون.
https://telegram.me/buratha