د.مسعود ناجي إدريس||
إذا أردنا أن نكون على الطريق الصحيح للحياة وأن نبني أفضل حياة لأنفسنا وللآخرين، فعلينا أن نفعل أشياء هي علامة على كمال الإسلام؛ أي أن الإسلام يوضح أهداف الحياة بالأفعال، وهي أهداف مهمة جِدًّا للمعرفة والممارسة. هذه الأعمال تعطي الإنسان أفضل وأجمل شكل من أشكال الحياة. قال الإمام السجّاد (ع): ( أربع من كن فيه كمل إسلامه، ومحصت ذنوبه، ولقي ربه عز وجل وهو عنه راض: من وفي لله عز وجل بما يجعل على نفسه للناس، وصدق لسانه مع الناس، واستحيا من كل قبيح عند الله وعند الناس، وحسن خلقه مع أهله). (مشکاهًْالانوار: ص 172؛ بحارالانوار: ج66، ص 385، ح 48).
يؤكد الإمام (ع) في هذا الخطاب على عناصر مثل التقوى الإلهية والصدق والحياء والوجه السمح. ليس هناك شك في أن هذه العناصر وحدها يمكنها تغيير حياة الإنسان وجعلها أفضل. يمكن لمن يؤسس حياته على هذه العناصر الأربعة أن يختبر السعادة في الدنيا والآخرة وأن يوفر أفضل حياة لنفسه وللآخرين.
كمال الإسلام وعلمه مثلما كان كمال الإسلام في هذه الأمور ، فإن كمال العلم والمسلم هو المحافظة على شؤونه والاستفادة من خلقه. قال الإمام في هذا الصدد: (إن المعرفة بكمال دين المسلم تركه الكلام فيما لا يعنيه، وقلة المراء، وحلمه، وصبره، وحسن خلقه).(تحفالعقول: ص202، بحارالانوار: ج2، ص129، ح11).
وبالتالي، فإن عناصر مثل الصمت والتخلي عن الرياء والصبر والحلم وحسن الخلق هي من أهم عناصر الإسلام. أي، إذا أردنا تقييم الشخص على أنه مسلم، فيجب أن نرى أنه شخص صامت أو أنه ثرثار بصورة مبالغة فيها؛ لأن كمال العقل والإيمان في الصمت. هل هو صادق أم من أهل الرياء والجشع؟ هل جمع فيه العقل والصبر؟ وهل يمتلك الصبر والاستقامة في النكبات والمصائب؟ وهل هو حسن الخلق أم سيئ الخلق؟ هذه هي علامات المسلم ويجب أن يكون في الإنسان ويقيمه.
· أكل الحلال والاعتدال في الغرائز
كثير من الناس يفسدون حياتهم بأكل الحرام. وكثرت الروايات عن اللقمة المحرمة التي جعلت الإنسان بائسا ومن أهل الشقاوة والنار. الذين رفعوا سيوفهم على الإمام الحسين (ع) هم الذين امتلأت بطونهم بأكل الحرام. في آيات القرآن، شدد الله تعالى على أكل الحلال، كما أكد على الاعتدال والطهارة وأكل الحلال. (البقرة ، الآية 168 ، المؤمنون ، الآية 51 ، الاعراف ، الآية 31).
يجب تنظيم اقتصاد البيت والمجتمع على عنصر الحلال والفضيلة والاعتدال. يجب أن يعرف ويلبي حقوق جميع الأعضاء بشكل صحيح بدون ظلم. قال الإمام السجّاد (ع) في حق البطن : (وأما حق بطنك فأن لا تجعله وعاء لقليل من الحرام ولا لكثير وأن تقتصد له في الحلال ولا تخرجه من حد التقوية إلى حد التهوين وذهاب المروة وضبطه إذا هم بالجوع والظمأ فإن الشبع المنتهي بصاحبه إلى التخم مكسلة ومثبطة ومقطعة عن كل بر وكرم. وإن الري المنتهي بصاحبه إلى السكر مسخفة ومجهلة ومذهبة للمروة) .(تحفالعقول: ص210؛ بحارالانوار: ج75، ص136، ح3).
وقال عليه السلام: (إن الدنيا قد ارتحلت مدبرة. وإن الآخرة قد ترحلت مقبلة، ولكل واحد منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فكونوا من الزاهدين في الدنيا، والراغبين في الآخرة، لان الزاهدين اتخذوا أرض الله بساطا، والتراب فراشا، والمدر وسادا، والماء طيبا، وقرضوا المعاش من الدنيا تقريضا.
اعلموا أنه من اشتاق إلى الجنة سارع إلى الحسنات وسلا عن الشهوات ومن أشفق من النار بادر بالتوبة إلى الله من ذنوبه، وراجع عن المحارم) .(تحفالعقول: ص203، بحارالانوار: ج75، ص139، ح3).
لذلك لا ينبغي للإنسان أن يبالغ في السعي وراء الشهوات ، وأن يسعى بقدر الحاجة ، ولا يسمح للشهوات ، خاصة الطعام والشهوات الجنسية ، أن تدفعه إلى الفسق والزنا ، وإذا أخطأ فعليه أن يتوب بسرعة وبسرعة يبتعد عن المعصية. ابتعاده عن الحرام لا يسمح له بالاعتياد عليه. يقول الإمام: (ان أفضل الجهاد عفة البطن والفرج). (مشکاة الانوار: ص157، ص20).
· الامتناع عن الطلب من الاخرين
يجب أن يكون الإنسان رجلاً يتمتع بالكرامة والشرف في الحياة ، ولا يجب أن يبيع كرامته وشرفه مقابل القمة فقط ، ولا يجب أن يذل نفسه ، بل يجب أن يكون دائمًا شريفًا وعزيز النفس. بطبيعة الحال ، يعاني الإنسان من الفقر الذاتي ، لكن لا ينبغي له أبدًا أن يخطئ ويربط فقره بثروة شخص أو أشخاص هم يحتاجون إلى الآخرين. الأفضل أن نلجأ إلى الله الغني حميد وأن نسأل من الله الذي يعطي بدون منة ويحسن بدون طلب ويعطي من فضله ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) (فاطر: 15) لذلك فإن التواصل مع الناس هو نفس الإذلال الذي يجب على الإنسان أن يتجنبه. قال الإمام السجّاد (ع): (طَلَبُ الْحَوائِجِ إلىَ النّاسِ مَذَلَّةٌ لِلْحَياةِ وَمَذْهَبَةٌ لِلْحَياءِ، وَاسْتِخْفافٌ بِالْوَقارِ وَهُوَ الْفَقْرُ الْحاضِرِ، وَقِلَّةُ طَلَبِ الْحَوائِجِ مِنَ النّاسِ هُوَ الْغِنَي الْحاضِر). (تحفالعقول: ص186، بحارالانوار: ج71، ص12، ح2).
الاهتمام بغذاء الجسد والروح
يجب على المؤمن أن يكون حكيماً وأن يزن كل شيء. كما يجب أن يرى في طعام الجسد ما يأكله ، وأين يأكل ، وكم يأكل ، يجب أن يعرف ما إذا كان في طعام الروح يراقب هذه الأمور ، أو ما إذا كان حساسًا فقط لطعام الجسد. جاء في الآيات القرآنية: {فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ} (عبس، آیه24) وقد روي أنه لا فرق بين طعام الجسد والروح. قال الإمام السجّاد (ع): (عجبت لمن یحتمي من الطعام لمضرته، کیف لایحتمي من الذنب لمعرته). (أعیان الشیعة: ج1، ص645، بحارالانوار: ج78، ص158، ح19).
قبول الاعتذار
ينبغي أن يعلم المرء أنه باستثناء أهل العصمة والطهارة الذين طهرهم الله من كل ضلال ومعصية ونحوها (الأحزاب، الآية 33)، فجميع الآخرين معرضون للفتنة والخطأ والمعصية. فكما يحب الإنسان أن يغفروا له أخطائه فعليه أن يغفر أخطاء الآخرين أيضا. قال الإمام السجّاد (ع): « إذا سألت مؤمناً حاجة ، فهيّئ له المعاذير قبل أن يعتذر ، فإن اعتذر فاقبل عذره ، وإن ظننت أنّ الأمور على خلاف ما قال »(مشکاهًْ الانوار: ص229، س10، بحارالانوار: ج78، ص141، ح3)
هذه ليست سوى بعض طرق العيش بشكل جيد في مدرسة الإمام السجّاد (ع) والتي تُظهر جيدًا ما يعرفه الإمام (ع) عن كيفية العيش بشكل جيد وما يريده من أتباعه. يجب استخدام هذه التعاليم لبناء أنفسنا لننال شفاعتهم في الدنيا والآخرة...
https://telegram.me/buratha