غدير حسين التميمي ||
الامام الصادق" ع " ، قال إن رسول الله" ص " بعث سريه ، فلما رجعوا
قال : مرحبًا بقوم قضوا الجهاد الأصغر
وبقي عليهم الجهاد الأكبر
فقيل يا رسول الله : وما الجهاد الأكبر
فقال " ص " : جهاد النفس
الإنسان كائن عجيب ، له نشأتان وعالمان :
الأول : نشأة ظاهرية ملكية دنيوية هي بدنه
الثاني : نشأة باطنية غيبية ملكوتية تكون من عالم آخر
وإن لروح الإنسان التي هي من عالم الغيب والملك مقامات ودرجات ولكل من المقامات والدرجات جنود رحمانية تجذب النفس نحو الملكوت الأعلى وتدعوها للسعادة وهناك جنود شيطانية تجذب النفس نحو الملكوت السفلي وتدعوها للشقاء ....
وهناك دائماً جدال ونزاع بين هذين المعسكرين ، والإنسان هو ساحة حربهما ، فإذا تغلبت جنود الرحمن كان الإنسان من أهل السعادة والرحمة و كان في مقام الملائكة وحُشِرَ في زمرة الأنبياء والأولياء والصالحين وأما إذا تغلب جند الشيطان الذي هو معسكر الجهل ، كان الإنسان من أهل الشقاء والغضب ومغضوب عند الله سبحانه ، ويحشر في زمرة الشياطين والكفار والمحرومين . ولنعلم أن مقام النفس الأول ومنزلها الأدنى والأسفل ، هو منزل الملك والظاهر المادي أي عالمها هذا .وفي هذا المقام تتألق الأنوار في هذا الجسد المادي والهيكل الظاهري ، وتمنحه الحياة ، وتجهز فيها الجيوش الرحمانيه والشيطانيه ، فتكون ساحة معركة النفس وجهادها بـ نفس هذا الجسد.
وجنودها هي قواها الظاهرية التي وجدت نصفها مثلا بـ الأقاليم الملكية السبعة التي يملكها ألا وهي: "الأذن والعين واللسان والبطن والفرج واليد والرجل، فإما تأخذ بيده الجيوش الرحمانيه وينتصر على الشيطانيه او العكس بالعكس إذن هنا يكون جهاد النفس في هذا المقام ، عبارة عن انتصار الإنسان على قواه الظاهرية ، وجعلها مؤتمرة بأمرة الخالق ، وعن تطهير المملكة من دنس وجود قوى الشيطان وجنوده .
لذا إن أول شرط لمجاهدة النفس والسير بإتجاه الحق هو التفكر وقد وضعه بعض علماء الأخلاق في بدايات السلم السلوكي، التفكر في هذا المقام هو أن يفكر الإنسان بعض الوقت في أن مولاه الذي خلقه في هذه الدنيا ، ووفر له كل أسباب الراحة ، ووهبه جسماً سليماً وهذه كلها تحير ألباب الجميع ، والذي رعاه وهيأ له كل هذه السعة وأسباب النعمة والرحمة من جهة
وأرسل جميع هؤلاء الأنبياء ، وأنزل كل هذه الكتب ، وأرشد ودعا إلى الهدى من جهة أخرى . وهنا نسأل أنفسنا هذا المولى ماذا يستحق منا ؟ وما هو واجبنا تجاه مالك الملوك هذا ؟هل أن وجود جميع هذه النعم ، هو فقط لأجل الحياة الحيوانية وإشباع الشهوات التي نشترك فيها مع الحيوانات أو أن هناك هدفاً وغاية أخرى ؟
هل أن للأنبياء الكرام ، والأولياء العظام ، والحكماء الكبار ، وعلماء كل أمة الذين يدعون الناس إلى حكم العقل والشرع ويحذرونهم من الشهوات الحيوانية ومن هذه الدنيا البالية ، عداء ضد الناس أم أنهم كانوا مثلنا لا يعلمون طريق صلاحنا نحن المساكين المنغمسين في الشهوات ؟ ..الآن الإنسان اذا فكر لحظة واحدة لعرف أن الهدف من هذه النعم هو شيء آخر وأن الغاية من هذا الخلق أسمى و أعظم لذا لابد أن نجتهد لنصبح ذا عزم وإرادة ، فإنك إذا رحلت من هذه الدنيا دون أن يتحقق فيك العزم ( على ترك المحرمات ) فأنت إنسان صوري ، جسدي فقط ، بلا لب وانت مجرد قشر لم ترتقي بروحك ذلك العالم هو محل كشف الباطن وظهور السريرة هل هو لله ام للدنيا كان وأن التجرؤ على المعاصي يفقد الإنسان تدريجياً العزم . إذن لابد أن نتجنب المعاصي ونعزم على الهجرة إلى الحق تعالى وأن تجعل ايها الانسان ظاهرك وباطنك ظاهراً وباطناُ إنسانياً ملكوتيًا وأطلب من الله تعالى في الخلوات العون على بلوغ هذا الهدف وأستشفعوا برسول الله " ص " وأهل بيته عليهم السلام.
https://telegram.me/buratha