الصفحة الإسلامية

ذكر الموت والشهادة عند الإمام علي عليه السلام 


  د.محمد العبادي ||

لم أعرف احداً أتى على ذكر الموت بعد رسول الله أكثر من علي عليه السلام . لقد كان ينظر إلى هذه الدنيا وزخرفها ومتاعها بإحتقار ، وكان لايلتفت إليها ، بل طلقها ثلاثاً طلاقاً بائنا.  أنه علي عليه السلام ذلك المغوار الإلهي الذي دخل ميادين الجهاد فكان بطلها الوتر ، ودخل ميادين العبادة فكان سيدها الأعلى،  ودخل ميادين النصح والتوجيه فأذعنت له الكلمات طائعة ، وأخذ ينثر دررها على الناس . إنه علي عليه السلام الذي علم الناس ( ان أشرف الموت القتل ) ،فكان يطلب الموت ، والموت منه في فوت ، ويريد أن يدرك الشهادة ، في معاجلة لأجلها فيقول عليه السلام: ( فقلت يا رسول الله أوليس قد قلت لي يوم اُحد حيث اُستُشهِدَ من استشهد من المسلمين ، وحيزت عني الشهادة فشَقَّ ذلك عليّ فقلت لي أبشر فإنّ الشهادة من ورائك فقال لي إنّ ذلك لكذلك فكيف صبرك إذاً ؟ فقلتُ : يا رسول الله ليس هذا من مواطن الصبر ، ولكن من مواطن البُشرى والشكر). نعم كان أمير المؤمنين عليه السلام يرى في نيل وسام الشهادة الرفيع من مواطن البشرى والشكر ، فهو يستبشر ببيعه وتجارته الرابحة مع الله . لقد تمنى الشهادة في كل موطن ، وكان يدخل إلى سوح الجهاد ابتغاء مرضاة الله وطلباً للشهادة ( فوالله لولا طمعي عند لقائي عدوي في الشهادة وتوطيني نفسي على المنية لأحببت ألاّ أبقى ألقى مع هؤلاء يوماً واحداً). لقد كان أمير المؤمنين عليه السلام موطناً نفسه على لقاء الله ، وعلى إستقبال المنية بشغف ، حتى أنه عليه السلام قد ضَمّن ادعيته بتوسلاته في نيل الشهادة ( اللهم رب السقف المرفوع والجو المكفوف..  إن أظهرتنا على عدونا فجنبنا البغي وسددنا للحق ، وإن اظهرتهم علينا فارزقنا الشهادة ). إنه العمل الجاد في ميادين الجهاد أصغرها وصغيرها وكبيرها . لقد كان أمير المؤمنين عليه السلام على خلاف مع ما شاع من وحشة الناس من الموت ؛ فقد كان يأنس إلى الموت وتسكن إليه نفسه ( والله لابن أبي طالب أنسُ بالموت من الطفل بثدي أمه ) . وقد صدق علي عليه السلام فقد صدح بكلمته عندما ضربه ابن ملجم ، فقال :(فزت ورب الكعبة ) . نعم لقد فاز أمير المؤمنين عليه السلام لأنه كان في شهر الله ضيفاً على الله ، ودخل الى المسجد بيت الله ، ثم وجه وجهه لله ، وفي لحظة القرب والسجود وتعظيم العلي الأعلى أهوى إليه ذلك الشقي بسيفه .   لقد ختم أمير المؤمنين عليه السلام حياته بالشهادة التي حيزت عنه طويلاً ،ثم جائته طائعة فعرج بمرقاتها إلى المحل الأرفع مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين . السلام على علي يوم ولد ، ويوم جاهد في الله حق جهاده ، ويوم استشهد ، ويوم يبعث حيا .
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك