🖋️ الشيخ محمد الربيعي ||
و نحن نعيش ايام ذكرى ولادة الامام علي بن موسى الرضا ( ع ) ، جدير بنا ان نعيشها بوعي و فكر من خلال التعرض لاحد جوانب تلك المدرسة المباركة ...
محل الشاهد :
▪️قال الامام الرضا ( ع ) في محل الوصية الى شيعته ( و ترك الجدال في ما لا يعنيهم ) .
▪️ماهو الجدال ؟
الجِدال ، هو المفاوضة على سبيل المنازعة و المغالبة ، و أصله من جدلت الحبل ، أي: أحكمت فتله ومنه: الجدال ، فكأن المْتَجَادِلَين يفتل كل واحد الآخر عن رأيه .
و قيل: الأصل في الجدال: الصراع و إسقاط الإنسان صاحبه على الجدالة ، و هي الأرض الصلبة .
و الجَدَل: اللدد في الخصومة و القدرة عليها ، و جادله أي: خاصمه ، مجادلة و جدالًا .
و الجدل: مقابلة الحجة بالحجة ، و المجادلة: المناظرة و المخاصمة ، و الجدالُ: الخصومة؛ سمي بذلك لشدته.
محل الشاهد :
وهذه وصيّة حيّة مهمّة رائعة من الامام الرضا ( ع ) ، و هي أنَّك عندما تدخل في جدالٍ حول أمرٍ تختلف فيه مع الآخر ، فكّر في هذا الأمر الذي تثير الجدال فيه ، هل هو من الأمور التي تتّصل بالخطوط الأساسيّة للعقيدة ، باعتبار أنَّ عقيدتك مسؤوليّة فكرك الذي تقدّم فيه حسابك إلى الله ، أو أنَّه يتصل بخطٍّ حيويٍّ بالشّريعة ، باعتبار أنَّ الشريعة تمثّل حركة حياتك في مسؤولياتك السلبيّة أو الإيجابيّة أمام الله ، أو هل يتّصل بشأنٍ من شؤون الحياة السياسيّة و الاجتماعيّة و الاقتصاديّة، بما يتعلّق بقضايا المصير؟
وإذا رأيت أنَّ هذا الأمر لا علاقة له بالعقيدة أو بالشريعة أو بالحياة ، و لا علاقة له بالمصير ، و إنَّما هو مجرّد شيءٍ تجريدي ، سواء اعتقدته أو لم تعتقده ، فإنَّه لن يغيّر من الأمر شيئاً ، تماماً كما كان أهل قسطنطينية يتجادلون في ما لا ينفع ، و الفاتح يدقّ الأبواب ، و فلاسفتهم يتناقشون هل إنَّ البيضة أصل الدّجاجة ، أو الدّجاجة أصل البيضة ؟ فهذا يقول إنَّ البيضة أصل ، و ذاك يقول إنَّ الدّجاجة هي الأصل ، و هل إنَّ الملائكة ذكورٌ أم إناث ؟ و يختلفون فيما بينهم ، ولا يلتفتون إلى القضايا المصيريّة..
هذا كلامٌ فارغٌ كالكثير من الكلام الفارغ الذي يدور في القضايا التي ينطلق فيها الناس على أنَّه مَن هو أفضل ذاك أم هذا ، و هذه أم تلك؟ في حين أنَّ الأمور عندما لا تتصل بمسؤوليّتنا أمام الله و لا بمسؤوليّتنا بحركة الحياة ، فإنَّها تمثّل طواحين الهواء التي تطحن و تطحن و يبقى الهواء هواءً ، إذ لا يمكن أن يتحوَّل الهواء إلى أيِّ شيء ، و لكن عندما تطحن الحنطة ، فإنَّها تتحوّل إلى دقيق تستطيع أن تعجنه خبزاً .
و لكنَّ المشكلة ، هي أنّنا أناسٌ متخلّفون بكلِّ أسف ، فنحن نحاول أن نصعد بالتخلّف إلى الدّرجات العليا من مواقعنا ، ولا نلتفت إلى الآثار المؤسفة المترتّبة على هذا التخلّف ، و نتنازع و نتكافر و نتضالل ، في حين لا علاقة لقضايا الخلاف و النزاع بالدنيا و لا علاقة لها بالآخرة .
فعلينا ان نعمل بهذه الوصية و نحدد المواضيع و توجهاتها بحواراتنا ، و نبتعد عن الجدال .
اللهم احفظ الاسلام و اهله
اللهم احفظ العراق و شعبه
https://telegram.me/buratha