يا راكِباً يَسْري عَلى جَسْرَةٍ........ قَدْ غَبَّرَتْ في أَوْجِهِ الضُّمْرِ
عَرِّجْ بِسامُرّاءَ وَالْثُمْ. ثرى......أَرْضِ الإِمامِ الحَسَنِ العَسْكَرِي
عَرِّجْ عَلى مَنْ جَدُّهُ صاعِدٌ..... ...وَمَجْدُهُ عالٍ عَلى المُشْتَري
عَلَى وَلِيِّ اللهِ في عَصْرِهِ...........وَابْنِ خِيارِ اللهِ في الأَعْصُرِ
دارٌ بِحَمْدِ اللهِ قَدْ أُسِّسَتْ......... .عَلى التُّقى وَالشَّرَفِ الأَظْهَرِ
عندما نبحث في حياة الائمة عليهم السلام , نجد بعض المواقف تحتاج الى تفسير وتروي قبل اصدار الراي عليها , من اهمها , ان الائمة ما كانوا على هرم السلطة ولا يوجد عندهم جيش او سلطات , فلماذا يقوم الخلفاء الامويون والعباسيون بالتضييق عليهم وسجنهم وقتلهم فاذا كانوا متفرغين للعبادة كما يروي عنهم التاريخ .فلماذا يسجنون ويقتلون ..؟
في هذا المجلس نسلط الضوء على حياة الامام الحسن العسكري(ع) واسباب اعتقاله في سامراء وقتله وهو في زهرة شبابه بعمر 28 سنة.. لا بد ان تكون هناك اسباب تخاف منها الدولة ..
**** السياسة الاموية والعباسية تجاه المجتمع المسلم , وموقف الائمة في تحصين الفكر الاسلامي: هناك ثوابت في الفكر الاسلامي تتركز في نقاط عديدة تعطي الافضلية المطلقة لأهل البيت (ع) بكل استحقاق بينما وقف مناوئيهم موقفا معاكسا .. فحدث في الاسلام اختلاف كبير لا زلنا نعاني منه ليومنا هذا .. حاول من كتب التاريخ في زمن الاموين الى العباسيين الى يومنا هذا . كلهم ارادوا ان يزيفوا الثقافة الاسلامية التي ورثناها فقالوا ان التابعين للائمة الاثني عشر ليسوا مسلمين لانهم يقولون ان جبرائيل خان امانة تنزيل الرسالة واعطاها الى محمد(ص) وهي لعلي(ع)وانهم يعبدون القبور ولديهم قران خاص , وعشرات الدعايات اشتغلت في اعلام الاموي والعباسي ودخل ذلك الموروث في عقول ابناء المذاهب الاسلامية الى اليوم .
** بينما الاسلام الحقيقي يعتبر معرفة أهل البيت (ع) وولايتهم والإيمان بهم، اساس العقيدة وأنّهم آل بيت رسول الله{ص} المطهّرون، وولاة الأمر وخلفاء الله على العباد والبلاد، وقد ورد الحثّ على معرفة أهل البيت(ع)روي عن رسول الله {ص}"من منَّ الله عليه بمَعرِفةِ أهلِ بيتي وولايتهم فقد جمع الله له الخيرَ كُلّه" .وعشرات النصوص في القران او الاحاديث تبين تفضيل الائمة الاثني عشر على البشر كله .
*** هذا لم يكن غائبا عن افكار الخلفاء الذين اغتصبوا الحق الشرعي وحاربوا عليا {ع}وقتلوا الحسن والحسين(ع) ارادوا ان يقلعوا الموروث عن فكر الامة ,ولكنهم فشلوا ولكن اثارهم بقيت الى يومنا هذا. والنواصب يزدادون اكثر نصبا وجهلا بسبب الموروث الثقافي فكانت الدول التي حكمت العالم الاسلامي تحاول والى اليوم ان تنجح في اضفاء الشرعية على الخلفاء والصحابة دون ال بيت رسول الله{ص} .
** ولما فشلوا في تزييف التاريخ كله ,في التأثير الفكري على عقول المسلمين قاموا ببعض الاجراءات تجاه أهل البيت (ع) بدمجهم بالجهاز الحاكم، لامتصاص ثورة الشيعة والتمويه على الناس ان الائمة طلاب سلطة .مع ضمان مراقبة الأئمة بدقة من داخل بيوتهم. خاصة كما حدث مع الامام الرضا والجواد عليهما السلام.
** من جهة ثانية، عزلهم عن قواعدهم ومحبيهم هذه النقطة مهمة وتحتاج الى دراسة ومتابعة كيف تصرف الائمة مع الوضع بعد ( معركة كربلاء التي قلبت الموازين) حيث شنت حملات دموية قابلتها ثورات شيعية , مثل التوابين وحركة المختار , فقامت السلطات الحاكمة بمحاولة فكرية ان تعتبر الائمة من ابناء الحسين (ع) ائمة طائفة الشيعة فقط ( وقد نجحت بذلك بنسبة كبيرة ولحد الان لا يعترفون بإمامه الاثني عشرية),
ينسبونهم للشيعة . نعم استطاعت السلطات أن تعتبر الأئمَّة لمذهب في مرحلة معينة بعد ان بلغ النبي(ص) في عدة مواضع ان خلفاءه اثنا عشر خليفة كلهم من قريش , وهذه اكبر مؤامرة على الاسلام ان تم عزل القيادة الروحية وجعلها في الصحابة والخلفاء,
من جهة ثالثة، وكانت هذه السياسة قائمة منذ عهد الإمام الرضا (ع) الذي أجبره المأمون على قبول ولاية العهد، ان يقتلوا أي امام يشاؤون ودسّ السمّ لهم كلما أحسّوا بالخطر من الامة ..
** سبب التفاف الامة على الائمة الاثني عشر.؟ الجواب ان السياسة الاموية والعباسية لم تكن تنصب على الشيعة فقط وعلى أأمتهم , بل مجموع الشعب كان يعني من الظلم والتفرقة العنصرية لغير القرشيين من خلال فرض الضرائب . والقتل على الهوية والاقصاء . جاء في صحيح البخاري: ج4 عن جابر بن سمرة قال: سمعت النبي (ص) يقول: يكون اثنا عشر أميراً فقال كلمة لم أسمعها فقال أبى: انه يقول: كلهم من قريش ... ولذا بقيت سياسات الدول كلها ضد اهل البيت{ع} .
** نقطة مهمة جعلت الناس يتوجون لسماع الحكم الشرعي من الائمة واتباعهم . فطابت نفوسهم للإسلام, منها نظام الضرائب ــ مصادر الجباية كانت الجباية في أوائل الهجرة قاصرة على الزكاة ثم الغنائم بعد واقعة بدر ثم الجزية لمن صالح النبي (ص) من نصارى جزيرة العرب وليهود وتوفي النبي (ص) ومصادر الجباية هي الزكاة والغنائم والجزية. وبعد موت النبي {ص} ووصول الامويين للسلطة تفرعت عشرات الضرائب لا زلنا نعاني منها لحد الان خاصة { منها عائدية الارض} ثم تطورت مصادر الجباية ترتقي وتتفرّع حتى أصبحت في أيام العباسيين الى احد عشر عنوان وهي:
الصدقة والزكاة. الجزية .الخراج. المكوس وصيد الأسماك.ـ أعشار السفن. أخماس المعادن.والكمارك.وممارسة المهنة . وكل الاعمال التي يعمل بها الناس كأعمال الصناعة والتجارة وغيرها
فيرجع الناس بالسؤال الى الائمة عن هذه الاحكام خاصة الضرائب التي يفرضها الحكام .فيعطي الامام رايه فيكون معارضا لما تقوم به السلطة , ولذا كانوا يسجنوهم ويضعونهم تحت الاقامة الجبرية ويعزلونهم عن قواعدهم الشعبية .. ولقد بقيت هذه السياسة متّبعة حتى عهد الإمام الحسن العسكري(ع) فكان مجبراً على الإقامة في سامراء، فتميّز موقف الإمام العسكري (ع) من الحكّام بحذر تام من الطغاة، وعدم إثارة حفيظتهم وإعطائهم أيّ مبرر للهجوم على بيته وهو في الاقامة الجبرية ،السلطة بمجرد وجود إمام معصوم وله شيعة تتأجج نار الغيرة والحقد عليه .
*** ــــــــ سياسة الامام مع هذه المواقف السياسية المتشنجة.. الثورات العلوية في عهد الإمام العسكري{ع}: لاقى العلويون واتباعهم الشيعة صنوفاً من الظلم والاضطهاد في زمان العباسيين كان البلاء والظلم على الشيعة .!! ومن الشواهد الواضحة .
** منع المتوكل العباسي زيارة الإمام الحسين(ع) وفرض أقصى العقوبات على زواره ابتدات لغرامة مالية 50 خمسون دينار ذهب وهذا مبلغ كبير جدا .. فلم يمتنع الزوار من زيارة ابي عبد الله {ع} فاخذ يتمادى في طغيانه فقرر ان تقطع يد الزائر الى قبر الحسين {ع} واستمر الناس يقدمون ايديهم. فقرر بعدها ان يقتل شخص من كل عشر زوار . ولم يتوقف الشيعة عن التواصل وزيارة امامهم. فقرر ان يقوم ببرنامج (حرب القبور} فقام بكرب القبر الطاهر للإمام الحسين{ع} هذا اذا كان فعل الخليفة المعتمد مع رجل مقتول شهيد في قبره. فكيف تكون معاملته مع امام حي عنده في سجن سامراء . في هذا الجو المكهرب العاصف كان يرى بعض العلويين وجوب الثورة على الظلم والفساد واظهار كلمة الحق، فتحمل الشيعة لوحدهم دماء الثورات التي قامت بوجه الحكام المنحرفين, لان الاكثرية كانوا يعتقدون اقتباسات من الديانة المسيحية . في تسامح مفرط من "ضربك علي خدك الايمن فأدر له الأيسر ". بينما الاسلام يقول العين بالعين والسن بالسن .فنجد الإسلام يعطي حق الرد بمثله وفي نفس الوقت يفضل العفو والصبر "فمن عفا واصلح فاجره علي الله" .
ووضعت احاديث جعلت المجتمع ينقسم الى قسمين .. الشيعة يقفون من الظلم موقف الثائر المدافع عن دينه, واخرون يطيعون ولا يردون فاصبحوا بطانة للحاكم والظالم .. في حديث رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما {في الفتن التي ستقع} عن فلان وفلان أنه سمع حذيفة بن اليمان يقول: كان الناس يسألون رسول الله{ص} عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟. قال: نعم. قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟. قال: نعم، قال: قوم يهدون بغير هديي قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟. قال: نعم، دعاة إلى أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه بها . قلت: يا رسول الله صفهم لنا. فقال: هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا. قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟. قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم. قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟. قال: "فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك". وهذا سند صحيح.
** وفي حديث اخر زيادة لقول النبي(ص) "وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك" رواه مسلم في صحيحه والطبراني في الأوسط والحاكم في المستدرك والبيهقي في السنن الكبرى قال حذيفة بن اليمان: قلت: يا رسول الله إنا كنا بشر فجاء الله بخير فنحن فيه، فهل من وراء هذا الخير شر؟.قلت: كيف؟. قال: يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس. قلت: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟. قال: "تسمع وتطيع للأمير، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع". وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة وغيرها.
هذا ادى ان يكون المجتمع في سُبات عميق وهذا ترك الحرية المطلقة بدون قيود للخلفاء والمنحرفين ممن يمسكون السلطة بالعبث بالمال العام . وتحولت مواقع الافتاء ومنبر رسول الله الى جلوس اشخاص يحتسون الخمر ويرتكبون افشع الفواحش . وهذا جعل الشيعة والموالين يدعون بالرضا إلى الرضا من آل محمد؛ ويعنون بذلك الشخص الذي هو أفضل آل محمد في ذلك العصر وهو الامام الحسن العسكري{ع}. كان يعتقد هؤلاء الثوار بإمامتهم، كما ان بعض الثورات كانت لأجل التمرد على الظلم .نحن هنا لسنا بصدد البحث والتحقيق في هذه الثورات .واخطر تلك الثورات الشيعية التي سيطرت على الكوفة لان الكوفة تعتبر مركز التشيع ,منها: ثورة علي بن زيد العلوي عام 256 هـ ،استولى عليها، وازال والي الخليفة واستقر فيها، فناجزته السلطة القتال عدة مرات، مرة بقيادة قائد فارسي يسمى شاه بن ميكال، وأُخرى بقيادة رجل تركي، واستمر بثورته حتى قتل سنة 257 هـ .ونستطيع أن نستنتج من هذه الثورات بشاعة الظلم الذي لاقاه العلويين خلال تلك الفترة ومن المعلوم أن عدد الثورات يزداد كلما ازداد الظلم والارهاب، ولذا فمن يتفحص التأريخ لا يجد قيام أي ثورة في زمن المنتصر؛ لانه لم يجر منه على أحد من العلويين قتل أو حبس أو مكروه، وكان يظهر الميل إلى أهل البيت عليهم السَّلام خلافاً لأبيه المتوكل، لكنه لم يبق في الحكم إلا ستة أشهر !!
** موقف الامام من الثوار وعلاقته بهم .. ـ روي عن عليّ بن جعفر قال: اجتمعنا بسامراء وانتظرنا ابي محمد(ص) يوم ركوبه، فخرج توقيعه: (ألا لا يسلمنَّ عليَّ أحد ولا يشير إليَّ بيده ولا يومئ، فانكم لا تؤمنون على أنفسكم) قال: وإلى جانبي شابٌ فقلت: من أين أنت ؟ قال: من المدينة، قلتُ: ما تصنع هنا ؟ قال: اختلفوا عندنا في أبي محمد{ع} فجئت لأراه واسمع منه أو أرى منه دلالة ليسكن قلبي، وإني من ولد أبي ذر الغفاري. فبينما نحن كذلك إذ خرج أبو محمد(ع)مع خادم له، فلما حاذانا نظر إلى الشاب الذي بجنبي، فقال:( أغفاري أنت ؟ قال: نعم، قال: ما فعلت أمك حميدة؟)) فقال: صالحة، ومرّ الامام ولم يتكلم غيرها .. فقلت للشاب: أكنت رايته وعرفته قبل اليوم ؟ قال: لا، قلتُ فينفعك هذا ؟ قال: ودون هذا.نلاحظ هنا أن الإمام حذر المجتمعين من الاشارة إليه أو السلام عليه لأن ذلك يوقعهم في خطر، ثم استخدم اسلوباً من السرية التامة في اثبات إمامته أمام الرجل الغفاري الذي جاء مستفهماً ومن دون أن يشعر أحد بذلك، فإن عيون الدولة ورجالاتها لا يستطيعون فهم ما عمله الإمام .فهو في الظاهر سأل الغفاري عن اخبار امه لكنه في الواقع اقام الحجة على الرجل وأخبره بانه غفاري واسم أمه حميدة، وبذلك آمن الرجل واطمأن قلبه.
*** مسؤولية الامام العسكري في اخفاء شخصية الامام المهدي {عج}. كان حكّام بني العباس يعلمون أنّ ظهور الإمام المهدي (عج) يعني القضاء على سلطانهم وذهاب لذلك جدّ هؤلاء الحكّام بمراقبة الإمام الحسن العسكري(ع) بشكل خاص، ومراقبة زوجاته وحملهنّ وولادتهنّ، ليقضوا على الإمام قبل أن يولد إن استطاعوا، حتى لا تكون هناك أي فسحة للولادة ثم غياب الإمام الثاني عشر. بالمقابل بدأ الإمام العسكري(ع) يخططّ لهذا الأمر على كلّ الأصعدة، ذلك أنّ فكرة غياب الإمام صعبة التقبل لدى القواعد الشعبية، والطلائع المؤمنة، لأنّه حدث غير عادي، وأمثلته في التاريخ نادرة جداً، والأخبار عنها قليلة ومقتضبة، كما أنّ مجرد وجود الإمام بين أنصاره وأتباعه أُنس لهم وتثبيت لقلوبهم، يوحي لهم بالأمل بنصر قريب، أمّا غيابه عنهم فيحرمهم من الأنس به وتثبيت قلوبهم بوجوده المبارك، وتهتز في نفوسهم فكرة الأمل بالنصر إلى أجل غير محدد رغم النصوص الكثيرة المتوالية، التي جاءت تبشر بالمهدي (عج)، وتتحدث عن غيبته، وعن ظهوره ودولته المباركة، التي ستملأ الدنيا قسطاً وعدلاً، بعد ما ملئت ظلماً وجوراً، تلك النصوص المتواترة الصحيحة عن النبي (ص)،إضافة إلى أئمة أهل البيت (ع)، عامة المحدثين والرواة، وفيهم البخاري ومسلم، والنسائي والترمذي وابن حنبل وغيرهم، وأثر كلّ تلك الروايات في ترسيخ فكرة انتظار المهدي خلال فترة غيبته، في نفوس المسلمين بشكل عام، إلاّ أنّ أمر غيبة الإمام يبقى صعبا،ً وخاصة لدى شيعته ومواليه، ولذلك كان لابدّ للإمام الحسن العسكري(ع) أن يمهّد لهذا الموضوع ويخطط له ويعدّ له عدّته اللازمة حتى يهيئ أذهان الناس لاستقبال موضوع الغيبة وزمانها دون رفض أو ردود أفعال تضرّ بتماسك القواعد الشعبية المؤمنة، ثمّ تجسيد موضوع الغيبة في شخص ولده المهدي دون أن يعرض ابنه لأيّ خطر من قبل الحكّام.
الواقع أنّ الخطوات التمهيدية التي قام بها الإمام بدأت في وقت مبكر، فمنذ زواج الإمام الحسن (ع)، من نرجس المرأة الصالحة التي قدّر الله لها أن تكون أمّاً للإمام المهدي(عجّ) بدأ يطلق عليها أسماء مختلفة تمويها بذلك على السلطات، فلا تعرف السلطات من هذه الأسماء وقد نجحت هذه الخطة نجاحاً باهراً، حيث استطاع الإمام أن يخفي نبأ ولادة ابنه الإمام المهدي (ع) عن أغلب خدمه وأهل بيته وأقاربه. من هنا فقد كتب الإمام الحسن العسكري لأحمد بن إسحاق وكان من خاصته يقول له: ((ولد لنا مولود، فليكن عندك مستوراً، وعن جميع الناس مكتوماً).ثمّ جعل يشير الإمام بعض خاصته إلى ولده دون أن يصّرح باسمه ويقول:(هذا صاحبكم).وقبيل وفاة الإمام الحسن العسكري بأيام قليلة وفي مجلس في بيته حضره أربعون من خاصته، أظهر الإمام ابنه المهدي أمامهم وعرضه عليهم وقال (هذا صاحبكم بعدي، وخليفتي عليكم، وهو القائم الذي تُمدّ إليه الأعناق ، فإذا امتلأت الأرض جوراً وظلماً، خرج فملأها قسطاً وعدلاً).
وجاء في رواية الصدوق بسنده إلى أبي الأديان أنه قال: كنت أخدم الحسن بن عليّ (ع)، وأحمل كتبه إلى الأمصار، دخلت إليه في علته التي توفي فيها، فكتب كتباً وقال: تمضي بها إلى المدائن. فخرجت بالكتب وأخذت جواباتها، ورجعت إلى سامراء فإذا أنا بالواعية في داره، وجعفر بن عليّ بباب الدار، والشيعة حوله يعزّونه ويهنّئونه، فقلت في نفسي: إن يكن هذا الإمام فقد حالت الإمامة. ثم خرج خادم، فقال: يا سيدي، قد كفن أخوك، فقم للصلاة عليه. فدخل جعفر والشيعة من حوله،فوقفنا امام الجنازة فتقدّم جعفر ليصلّي عليه، وهمّ بالتكبير، خرج صبي بوجهه سمرة، جذب رداء جعفر وقال: تأخّر يا عم، أنا أحقّ منك بالصلاة على أبي. فتأخر جعفر، فتقدّم الصبيّ، فصلّى عليه، ودفن إلى جانب قبر أبيه، حيث مشهدهما كعبة للوافدين،ى فكان يوم موت الامام العسكري يوما عظيما في سامراء تعطلت فيه الاسواق وخرج الناس لتشييعه ودفنه عند قبر ابيه الامام الهادي (ع) .. يخاطب احد الشعراء مولاتنا الزهراء (ع) ويعزيها بأبنائها .. ثم ياتي برد عن علي بن دعبل الخزاعي ..
قبور بكوفان واخرى بطيبة .. واخرى بفخ نالها صلواتي
نوحي على الاولاد يا زهرة الحزينة / في كربلا واحد وواحد في المدينة
لا تحسبوني للرضا في طوس ما جيت / ولا الى بغداد ما رحت وتعنيت
كلهم عليهم نوحت والجيب شكيت / اللي اندفن يمي واللي بعيدين
منهم بسامرا ومنهم في خراسان / ومنهم بارض طيبة ومنهم بكوفان
واعظم علي مصيبة المذبوح عطشان / حسين وين اللي يساعدني على حسين
الشيخ عبد الحافظ البغدادي
https://telegram.me/buratha