الدكتور فاضل حسن شريف
الحكم كمصطلح مشتق من الحكمة، لذلك فان الحاكم اصلا عليه ان يتصف بالحكمة والا فانه لا يسمى حاكما وربما الاولى ان يسمى ظالما. والحكمة ذكرت في ايات عديدة منها " وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ" (البقرة 151) وهذا يعني ان الحاكم عليه ان يتعلم الحكمة. وما لقمان الا نموذجا للحكام وان لم يكن حاكما "وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ" (لقمان 12). والله ينزل على الانبياء الحكمة "وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ" (النساء 113) و "وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ" (البقرة 251) فالملك بدون حكمة لا فائدة منه.
والحاكم في منهجه ودعوته عليه ان يكون حكيما "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ" (النحل 125) والذي لا يتصف بالحكمة عليه ان يغادر الحكم لانه يخرج عن الارادة الربانية "يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا" (البقرة 269) كون الحكمة من معانيها الاصابة في القول والفعل وبالتالي فالحاكم الذي يؤتى الحكمة فان الخير يعم عليه وعلى شعبه.
والحاكم الحكيم داوود عليه السلام الذي حكم 40 سنة كان جنديا في جيش الملك طالوت حيث تحول الملك اليه بعد هزيمة جالوت "فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ" (البقرة 251).
والقضاء على الحكام الطواغيت في القرآن الكريم اعتبرها الله آيات "تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ" (البقرة 252) و (الجاثية 6). كل ذلك لان هؤلاء الحكام لم يتبعوا الحكمة لانهم لم يعطوا الحق للمستحقين ولم يحكموا بين الناس بالعدل "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ" (النحل 90). وعلى الرعية ايضا ان يتبعوا الحكمة وذلك بمساعدة الحاكم العادل والا فان الله يسلط عليهم غضبه كما حصل لقوم موسى كونه عليه السلام بمثابة الراعي الحاكم لهم بعد ان اعطاهم الملك ونجاهم من فرعون وجعل لهم الارض المقدسة ملكا لهم ولكنهم رفضو مجابهة الجبارين "يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ * قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ" (المائدة 21-22).
الحاكم صاحب الحكمة مطلوب منه صد المظالم لحماية شعبه كما جاء في سورة " إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" (البقرة 246). لذلك فان السكوت عن المعتدين مرفوض. ولهذا السبب فان الرسل والملوك بعثوا لحماية المجتمع من الظلم.
والحكام الظالمون البعيدون عن الحكمة لهم نهاية مغزية، فهذا نمرود انهته بعوضة وفرعون الطاغية بعصا وغرق. وبسبب قتل داوود عليه السلام للظالم جالوت "وقتل دَاوُدَ جَالُوت وءاته الملك" (البقرة 251) فان الله تعالى اعطاه الملك والنبوة والحكمة وجعل ابنه سليمان عليه السلام ملكا.
https://telegram.me/buratha