الدكتور فاضل حسن شريف
ان سياق الاية المباركة "وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ" (الحجر 22) تبين ان الرياح تحمل الغيوم فتلقح بعضها بعضا وقد يتولد البرق والرعد ثم تسقط الامطار كما جاء عن عبد الله بن مسعود لتسقي البشر والحيوان والنبات و المياه الزائدة تخزن، والله تعالى هو المتكفل بخزنها بتوفير التضاريس والتشققات الارضية. والكلمة الاطول في القرآن هي فأسقيناكموه والتي تعني استخدامات الماء المختلفة من شرب وري المزروعات. و يخزن الماء في ابار او خزانات طبيعية كالاهوار والبحيرات الحلوة او خزانات خلف سدود.
والله تعالى استخلف الانسان في الارض "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً" (البقرة 30) وميزه عن الحيوانات بالعقل " إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ" (الانفال 22) والفكر " قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ" (الانعام 50) ليعمر الارض ومنها السدود. وبالمحصلة فان الله تعالى هو خازن المياه ان كانت طبيعية او اصطناعية "وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ" (الحجر 22). وعند عدم التفكر واستخدام العقل فالعقاب يرجع لبني البشر انفسهم " وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ" (النحل 118) عند عدم بناء السدود والخزانات فيعطش الانسان هو وحيواناته ومزروعاته في وقت الجفاف او يغرق وتدمر ممتلكاته وقت الفيضان لان كل سبب له مسبب. والخزانات هذه لها اعمار مما يتطلب مراقبتها وتنظيفها لاطالة اعمارها.
يعد النبي شيت ابن ادم عليهما السلام اول من اهتم بعمارة الارض ومنها الري والزراعة وتجميع المياه، وهو اخ قابيل وهابيل "وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ" (المائدة 27) ولكنه نبي. ولو ان كثير من الانبياء لم يذكرهم القرآن الكريم بالاسم " وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ" (النساء 164). والصابئة المندائيين "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ" (الحج 17) يقدسون النبي شيت عليه السلام ولهم اهتمام بالمياه في عباداتهم. وكونهم عراقيون فهذا يعتبر احد الادلة بان النبي شيت عليه السلام عاش في العراق، و روايات اشارت ان والده آدم عليه السلام عاش ومات في العراق، ولهذا عند زيارة الامام علي عليه السلام يقول الزائر (والسلام على ضجيعيك آدم ونوح).
ويذكر المؤرخون ان ذي القرنين الذي ورد اسمه في سورة الكهف "وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا" (الكهف 83) هو من ملوك حمير الذين اشتهروا ببناء السدود باستخدام قطر الحديد في انشائها. ومدينة ذمار اليمنية هي المكان الذي اشارت اليه الاية الكريمة "قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا" (الكهف 94) الذي يقع في اطرافها السد حيث تسمى المنطقة بين السدين ولاتزال اثار هذين السدين قائمة. وهنالك محافظة باسم ذمار الذي هو اسم ذو القرنين. ويعتبر احد اقدم السدود في اليمن. والرواية الاكثر مطابقة لواقع المنطقة ان سد ذو القرنين بني لغرض حجز مياه السيول.
https://telegram.me/buratha