الدكتور فاضل حسن شريف
ذكر السيد ضياء الخباز ان كتاب (مستمسك العروة الوثقى) "فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى" (البقرة 256) هو من أهمّ الكتب في تاريخ الحوزة العلمية للسيد الراحل محمد سعيد الحكيم، ومن أعظم الموسوعات الفقهية في تاريخ التشيّع. لازم دروس الفقيه الكبير والأستاذ العظيم سماحة آية الله العظمى الشيخ حسين الحلّي قدّس الله نفسه الزكيّة، وهو أستاذ مجموعة من مراجعنا، ومنهم سيّدنا الراحل، ومنهم مرجع الطائفة الأعلى سيّدنا السيد السيستاني أدام الله تعالى بركة وجوده، وكان هذا الشيخ يعدّ من أعاظم فقهاء الشيعة وعلمائهم، وكان يعدّ إلى جانب السيد الحكيم الكبير وإلى جانب السيد الخوئي قدّس سرّهما، إلا أنه لم يتصدَّ للمرجعية، واقتصر على تدريس العلماء والفقهاء، فخرّج أمثال هذين المرجعين.
في استفسار ان بعض الناس لا يعرفون القراءة، فما هو حكم صلاتهم وأعمالهم؟ فاجاب السيد الحكيم قدس سره يجب على المكلف أداء الصلاة وسائر العبادات بالمقدار المتيسر له، بحسب ما آتاه الله من قدرة على التعلم ولو من خلال السؤال الشفهي إذا عجز عن القراءة، و (لا يكلف الله نفساً الا وسعها ) (البقرة 286).
عن تحريم الكذب قال اية الله السيد محمد سعيد الحكيم ويظهر من بعض مشايخنا قدس سره إنكار حكم العقل بقبحه في نفسه، وأنه إنما يقبح عقلاً من ترتب مفسدة عليه. لكنه كما ترى، فإن حسن الصدق وقبح الكذب من الوجدانيات الضرورية. نعم الظاهر عدم ملازمة الحكم المذكور للحرمة شرعاً، لإمكان مزاحمته بجهة تمنع من الحكم بحرمته، وإلى ذلك يرجع ما ذكرناه في الأصول وأشرنا إليه في المسألة السابقة من إنكار ملازمة حكم العقل لحكم الشرع. فالعمدة في الدليل على حرمته الأدلة التعبدية من الكتاب والسنة والإجماع. ولا إشكال في نهوضها بحرمته في الجملة. والمهم إقامة الدليل على حرمته مطلقاً، ليرجع إليه في موارد الشك. والظاهر وفاء الكتاب والسنة بذلك. أما الكتاب فقد يستدل منه بقوله تعالى: "وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكذِبُونَ" (البقرة 10) فإن جعل سبب العذاب الكذب دون تقييد له بكذب خاص في حرمة الكذب بنفسه مطلقاً مع قطع النظر عن خصوصية موضوعه.
جاء في كتاب فاجعة الطف للسيد محمد سعيد الحكيم: خطبة الزهراء عليها السلام قال الطبرسي: ألا هلم فاسمع، وما عشت أراك الدهر عجباً، وإن تعجب فعجب قولهم. ليت شعري إلى أي أسناد استندو؟ وإلى أي عماد اعتمدو؟ وبأية عروة تمسكو؟ وعلى أية ذرية أقدموا واحتنكوا، استبدلوا والله الذنابى بالقوادم والعجز بالكاهل فرغماً لمعاطس قوم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً . "أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ" (البقرة 12).
https://telegram.me/buratha