الدكتور فاضل حسن شريف
ذكرت كلمة شعائر في عدد من ايات القرآن الكريم منها شعائر الحج "إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا" (البقرة 158) وفيها اداء معين مع حركة، و "وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا" (الحج 36) حيث مع الشعيرة ذكر الله. ويتضح ان الشعيرة ترافق عبادة وليس كل العبادات فالصلاة والصوم لم يرافقها كلمة شعيرة في القرآن، وان كان مفسرون يضمنون العبادات كالاذان والصلاة والصوم من الشعائر على اساس ان لكل عبادة شعار لله "ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ" (الحج 32).
والشعائر تعني محارم ايضا "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" (المائدة 2) والاية تدور حول البيت والمسجد الحرام والمتعلقات بهما. والمشعر مكان عبادة "فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ" (البقرة 198) وهو مزدلفة.
لغويا نقول اشعر بالبرد اي احس، فالمشعر الحرام هو المكان الذي يشعر او يحس العبد بحرمة المكان وقدسيته. وهكذا الشاعر كلامه فيه احساس يتفاعل له شعور السامع او القارئ يختلف عن كلام اخر. والشعار علامة فلكل جماعة لها شعار يمكن معرفته عن بعد للدلالة على مكانه. والشعار موقع كالصفا والمروة "إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ" (البقرة 158) ومزدلفة "فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ" (البقرة 198).
بعض المفسرين شملوا شعائر الله مناسك الحج الاخرى مثل الطواف حول البيت الحرام "إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ" (ال عمران 96) و "جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ" (المائدة 97). و جعلوا الصلاة عند مقام ابراهيم عليه السلام من شعائر الحج "وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ" (البقرة 125)، و "فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا" (ال عمران 97)، واضافوا لها البيوت في الاية المباركة "فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ" (النور 36) جاء في الحديث الشريف: البيوت هي بيوت الانبياء عليهم السلام، ومن افضلها بيت علي وفاطمة عليهما السلام "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ" (الاحزاب 53). وقال امير المؤمنين عليه السلام (نحن الشعار والأصحاب والخزنة والأبواب، لا تؤتى البيوت إلّا من أبوابها، فمَن أتاها من غير أبوابها سُمّي سارقاً).
وعن الرضا عليه السلام عن الاية الشريفة "وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ" (النحل 16) نحن العلامات، والنجم رسول الله سلام الله عليها. ومن هنا فان مقامات الانبياء والائمة عليها السلام بيوتهم، وهي من شعائر الله لانهم احياء عند ربهم يرزقون "وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ" (ال عمران 169).
ان مفردة الشعائر الاسلامية تحظى باهمية خاصة عند اهل البيت عليهم السلام بينما الاماكن المقدسة هي مفردة شاملة للاديان المختلفة "وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا" (الجن 18) منها المساجد في الاسلام، في حين يوجد تفسير اخر للمسجد بانه مواقع السجود للمصلي عند سجوده. فالمسجد يمثل المكان المقدس والذي يتخذ مصطلح الصومعة والبيعة والمصلى في اديان اخرى.
https://telegram.me/buratha