الدكتور فاضل حسن شريف
عن الاختلاف و الوحدة في نظر القرآن الكريم قال الشهيد السيد محمد باقر الحكيم قدس سره: الدعوة إلى تطبيق الأحكام الإلهية المشتركة الثابتة في التوراة والإنجيل، ليتضح مدى التقارب والوحدة بين هذه الأديان، خصوصاً وأن هذه التشريعات بعضها يكمل البعض الآخر، حيث نجد القرآن الكريم يتناول هذا الموضوع بأساليب متعددة منها المطالبة بالرجوع إلى التوراة والإنجيل في فصل الاختلاف التي تواجه أهل الكتاب، وتشخيص الأحكام، والمقارنة بينها وبين ما هو موجود في التوراة والإنجيل. "كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلاّ ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين" (ال عمران 93).
عن السيد محمد باقر الحكيم قدس سره في دراسة معمقة في نظام الشعائر و العبادات في الاسلام: نجد أن اهل البيت عليهم السلام بسبب علمهم الواسع بتاريخ الرسالات الالهية و فهمهم الدقيق المستوعب للرسالة الاسلامية - قاموا بعمل تميزوا به ، و هو احياء معالم هذا التاريخ الالهي - سواء في الرسالات السابقة أو الرسالة الاسلامية و الدعوة إلى تقديس هذه الاماكن و احياء تاريخها .و يحظى المسجد الحرام و مسجد النبي ( صلى الله عليه و آله ) في المدينة المنورة ، و كذلك المسجد الاقصى في القدس الشريف ، بتقديس و احترام خاصين لدى جميع المسلمين .و قد روى جمهور المسلمين بشأن فضل هذه المساجد الثلاثة أنه لا تشد الرجال إلاّ لها ، و أنها تختص بهذا الاحترام و العمل الشرعي دون غيرها من المساجد الاخرى ، كما أن هذه المساجد ورد الحديث عنها في القرآن الكريم و لاسيما المسجد الحرام .و لكن اهل البيت عليهم السلام اعطو هذه المفردة تصوراً واسعاً شاملاً من حيث الكم و الكيف .أما من حيث الكيف فنجد أن الاحترام و التقديس من ناحية ، و الجذر التاريخي لهذه المساجد من ناحية اخرى و الاعمال المرتبطة بهذه الاماكن من ناحية ثالثة جاءت شاملة و واسعة .وأما من حيث الكم فنجد أن هناك اماكن اخرى حظيت بهذا التقديس و الاحترام اجمالاً على اختلاف بينها في مستويات و درجات التقديس ، و من هذه الاماكن مسجد الكوفة و مسجد قبا و مسجد الخيف و مسجد السهلة أو السهيل و الحائر الحسيني و وادي السلام في النجف و حرم امير المؤمنين علي عليه السلام و مسجد براثا و حرم الامام الرضا في طوس من خراسان و مشاهد أئمة اهل البيت عليهم السلام عامة .أحكام المساجد: و قبل الحديث عن تفاصيل اهم هذه المفردات يحسن بنا أن نتحدث قليلاً عن الاحكام العامة للمساجد في عدة نقاط .1 ـ يستحب الصلاة في المساجد و افضلها المسجد الحرام فالصلاة فيه تعدل الف الف صلاة ، ثم مسجد النبي صلى الله عليه و آله و الصلاة فيه تعدل عشرة آلاف ، و مسجد الكوفة و فيه تعدل ألف صلاة ، و المسجد الاقصى و فيه تعدل ألف صلاة ايضاً ، ثم المسجد الجامع و فيه تعدل مئة ، و مسجد القبيلة (المحلة ) و فيه تعدل خمساً و عشرين ، و مسجد السوق و فيه تعدل اثني عشر .و يستحب أن يجعل في بيته مسجداً أي مكاناً معداً للصلاة فيه ، و إن كان لا يجري عليه أحكام المسجد، و الافضل للنساء الصلاة في بيوتهن و افضل البيت المخدع.2 ـ يستحب الصلاة في مشاهد الائمة عليهم السلام، و هي البيوت التي أمر اللّه تعالى أن ترفع و يذكر فيها اسمه ، بل هي أفضل من بعض المساجد. 3 ـ يستحب تفريق الصلاة في اماكن متعددة لتشهد له يوم القيامة ، ففي الخبر سأل الراوي ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يصلي نوافله في موضع أو يفرقها ، قال عليه السلام (لا بل هنا و هنا فإنها تشهد له يوم القيامة) .4 ـ يكره لجار المسجد أن يصلي في غيره لغير علة كالمطر . قال النبي صلى الله عليه و آله (لا صلاة لجار المسجد إلاّ في مسجده) و يستحب ترك مؤاكلة من لا يحضر المسجد و ترك مشاربته و مشاورته و مناكحته و مجاورته .5 ـ يكره تعطيل المسجد ، فعن أبي عبد اللّه الصادق عليه السلام: (ثلاثة يشكون إلى اللّه عَزَّ و جَلَّ : مسجد خراب لا يصلي فيه أهله ، و عالم بين جهال ، و مصحف معلق قد وقع عليه غبار لا يقرأ فيه) .6 ـ يستحب كثرة التردد إلى المساجد ، فعن النبي صلى الله عليه و آله (من مشى إلى مسجد من مساجد اللّه فله بكل خطوة خطاها متى يرجع إلى منزله عشر حسنات و يمحى عنه عشر سيئات و يرفع له عشر درجات) .7 ـ يستحب بناء المسجد و فيه اجر عظيم قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله (من بنى مسجداً في الدنيا اعطاه اللّه بكل شبر منه أو بكل ذراع منه مسيرة اربعين الف عام ، مدينة من ذهب و فضة و لؤلؤ و زبرجد)، و عن الصادق عليه السلام (من بنى مسجداً بنى اللّه له بيتاً في الجنة). المسجد الحرام و البيت الحرام و مكة :المسجد الحرام هو المسجد الذي يحيط بالكعبة الشريفة التي هي البيت الحرام ، و هو أول بيت وضع للناس : "إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ" (ال عمران 96) و "فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً" (ال عمران 97).و في المسجد الحرام مقام ابراهيم الذي ورد النص في القرآن الكريم بالصلاة فيه "وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى" (البقرة 125).
https://telegram.me/buratha