الدكتور فاضل حسن شريف
يبين السيد محمد سعيد الحكيم قدس سره: الظاهر أن المراد بالسنين الهلالية، لأن ذلك مقتضى الاطلاقات المقامية لأدلة التحديدات الشرعية ، تبعاً للعرف الذي وردت فيه. وقد يدل عليه قوله تعالى: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ" (البقرة 189). لظهوره في أن فائدتها بنظر الشارع توقيت الناس بها، فيكون حاكماً على أدلة التوقيتات.
وعن فقه القضاء للسيد محمد سعيد الحكيم: أما في القصاص فمقتضى القاعدة جواز المساواة في طريقة القتل مع القتل الأول الذي يجب لأجله القصاص، و إن كان أشد من الطرق المتعارفة. لإطلاق أدلة القصاص، و خصوص قوله تعالى: "فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ" (البقرة 194).
جاء في كتاب فتاوي الحج والعمرة للسيد محمد سعيد الحكيم: لا يدل الصحيح على كفاية شراء الهدي في جواز الحلق، بل على لزوم صيرورته في الرحل في منى، كما هو مقتضى قوله عليه السلام: (فقد بلغ الهدي محله)، فإن محل الهدي هو منى، لأنها هي المنحر كما تقدم. ومن الظاهر تعذر ذلك في هذه الأيام تبعاً لتعذر الذبح في منى، بل الظاهر الكفاية ببلوغ الهدي محله عن وصوله لمحل ذبحه بحيث يترتب الذبح في المحل المذكور على الوصول إليه اكتفاءاً بالوصول إليه الذي هو مقدمة للذبح فيه من الذبح فيه، وعلى ذلك يكفي في جواز الحلق أو التقصير وصول الهدي لمنى لو أمكن إذا لم يترتب عليه ذبحه فيها كما هو المفروض في المقام ـ فضلاً من أن يكفي فيه شراء الهدي من دون أن يصل الى منى. هذا وقد يدعى أن اللازم مع تعذر الذبح بمنى الانتقال للصوم، لتعذر الذبح بتعذر شرطه، لكنه ـ مع اباء المرتكزات المتشرعية عنه ـ لا شاهد له، لأن موضوع الانتقال للصوم بمقتضى قوله تعالى: "فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ" (البقرة 196) ، عدم وجدان الهدي ، لا عدم القدرة على ذبحه. بل لا يبعد انصرافه الى عدم القدرة المالية، وهو المناسب لما سبق في معتبر النضر بن قرواش، من أن من وجد ثمن الهدي يودعه عند بعض أهل مكة ليذبح عنه بعد ذلك. ويؤيد ذلك ما سبق من اجزاء الذبح في مكة للناسي حيث يناسب عدم ركنية منى في الذبح ومن ثَمَّ لا مخرج عما ذكرنا. نعم حيث كان المورد من موارد التقية، ولا سيما مع ذهاب مشهور العامة لاجزاء الذبح في غير منى فالمتعين الاكتفاء في عدم الذبح بمكة بمضايقات المخالفين من الحكام أو غيرهم، بحيث يكون الإنسان معرضاً للمشاكل من جهتهم وإن لم تبلغ حد الخطر أو الضرر المعتد به، لعمومات التقية المقتضية لإجزاء العمل معهم وعلى وفق مذهبهم.
يقول المرجع الاعلى السيد محمد سعيد الحكيم: قوله تعالى: "فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ" (البقرة 196)، بضميمة المفروغية عن عدم وجوب نية إقامة عشرة أيام في أثناء الحج من أجل الصوم المذكور. مضافاً إلى النصوص، ومنها موثق سماعة المتقدم.
جاء في كتاب فاجعة الطف للسيد محمد سعيد الحكيم: غلبة الباطل لا توجب ضياع الدين الحق وخفاء حجته: وحينئذ لابد من كون غلبة الباطل وتسلطه بنحو لا يمنع من قيام الحجة على بطلان دعوته، وصحة دعوة الحق، بحيث تنبه الغافل لذلك، وتقطع عذر الجاهل. كما لابد أن تبقى الدعوة المحقة التي يرعاها المرجع المعصوم شاخصة ناطقة، بحيث لو طلبها من شاء من أهل ذلك الدين وغيرهم، ونظر في حجتها بموضوعية تامة، بعيداً عن التعصب والعناد، لوصل إليه. ونتيجة لذلك لابد من كون الخلاف للحق، والخروج عنه ليس لقصور في بيانه وخفاء فيه، بل عن تقصير من الخارج بعد البينة، وقيام الحجة الكافية على الحق. كما قال الله تعالى: "كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاس فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ" (البقرة 213).
جاء في كتاب مرشد المغترب للسيد محمد سعيد الحكيم: إلا أن لكم أسوة بنبيكم العظيم، وآله الطاهرين (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين)، وأوليائهم المخلصين، حيث استهدفتهم الدنيا بمحنها وبلائها ومصائبها وأرزائها. مشردون نفوا عن عقر دارهم كأنهم قد جنوا ما ليس يغتفر. وتلك سنة الله تعالى في الدني، حيث اختص أولياءه فيها بالبلاء والعناء، حتى صارت الدنيا لهم سجن، كما ورد في أحاديث كثيرة. وقد قال عز من قائل: "أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ" (البقرة 214). كما تظافرت الأحاديث الشريفة بمحنة المؤمنين، وتعرضهم للبلاء، خصوصاً في عصر غيبة قائم آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) الحجة المنتظر (عجل الله تعالى فرجه). ففي حديث الكتاب الذي أنزله الله تعالى على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأسماء الأئمة (عليهم السلام) قال في آخره عند التعرض لحال المؤمنين في عصر الغيبة: "فيقتلون ويحرقون ويكونون خائفين مرعوبين وجلين، تصبغ الأرض بدمائهم، ويفشوا الويل والرنين في نسائهم، أولئك أوليائي حق، بهم أدفع كل فتنة عمياء حندس، وبهم أكشف الزلازل، وأدفع الآصار والأغلال. أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة، وأولئك هم المهتدون". وليس ذلك من الله سبحانه وتعالى استهواناً بهم، وامتهاناً لهم، واستصغاراً لشأنهم، بل استهواناً بالدنيا واحتقاراً له، حتى ورد عن المعصومين (صلوات الله عليهم): "لو عدلت الدنيا عند الله عزوجل جناح بعوضة ما سقى عدوه منها شربة ماء". ولأن عباده المؤمنين أهل لتحمل المسؤولية، والثبات على المبد، والصبر على المكاره. وقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: "إنا صبر وشيعتنا أصبر من، قلت: جعلت فداك، كيف صار شيعتكم أصبر منكم؟ قال: لأنا نصبر على ما نعلم وشيعتنا يصبرون على ما لا يعلمون". وخصوصاً المؤمنين في عصر الغيبة، فقد تظافرت الأحاديث في الثناء عليهم وفي بعضها أن الله لو لم يعلم أن في المؤمنين من أهل البصائر من يثبت على القول بإمامة الحجة (صلوات الله عليه) في غيبته لما غيبه عنهم. وفي حديث أبي خالد الكابلي عن الإمام زين العابدين (عليه السلام) قال: "يا أبا خالد إن أهل زمان غيبته والقائلين بإمامته والمنتظرين لظهوره (عليه السلام) أفضل من أهل كل زمان، لأن الله تعالى ذكره أعطاهم من العقول والأفهام والمعرفة، ما صارت به الغيبة عنهم بمنزلة المشاهدة، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالسيف، أولئك المخلصون حق، وشيعتنا صدق، والدعاة إلى دين الله سراً وجهراً". إلى غير ذلك من الأحاديث في هذا المجال.
https://telegram.me/buratha