الصفحة الإسلامية

اشارات السيد محمد سعيد الحكيم عن القرآن الكريم من سورة البقرة (الحلقة الحادية عشر)


الدكتور فاضل حسن شريف

يقول المرجع الاعلى السيد محمد سعيد الحكيم قدس سره عن قوله تعالى: "يَسأَلُونَكَ عَن الخَمرِ وَالمَيسِرِ قُل فِيهِمَا إِثمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثمُهُمَا أَكبَرُ مِن نَفعِهِمَا" (البقرة 219) . والميسر القمار كما في مجمع البيان وتفسير القرطين، ويستفاد من بعض كلمات اللغويين. ويقتضيه غير واحد من النصوص، ويأتي بعضها أو قسم منه، كما يستفاد من بعض آخر من كلماتهم. وربما يكون في أصل اللغة خصوص قسم منه، ثم اتسع معناه بعد ذلك، أو استفيد من تحريمه إلغاء خصوصيته وحرمة كل قمار. والأمر سهل.

 

ويقول السيد محمد سعيد الحكيم عن قوله تعالى: "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ" (البقرة 220) حيث تضمن الحث على الإصلاح من دون إلزام به، مع مقابلته بالإفساد، والتنبيه مع مخالطتهم على الأخوة، لبيان لزوم كون مخالطتهم كمخالطة الإخوان عرفاً لا تبتني على التزام نفعهم في كل تصرف معهم، بل على رجحان نفعهم والتزام عدم الإضرار بهم والإفساد في أمرهم.

 

جاء في كتاب مصباح المنهاج / الطهارة للسيد محمد سعيد الحكيم: وأما أفعال الوضوء فليست إلا محصلة للشرط ومقدمة له، ولذا كان المرجع الاشتغال عند الشك في اعتبار شئ في الوضوء، كما تكرر التنبيه له في هذا الشرح. إذا عرفت هذا، فقد صرح غير واحد من الاصحاب باستحباب الوضوء للكون على الطهارة، بل في كشف اللثام: " كأنه لا خلاف فيه "، وقال سيدنا المصنف قدس سره: " وعن الطباطبائي دعوى الاجماع عليه ". ويقتضيه - مضافا إلى المرتكزات المتشرعية - عموم قوله تعالى: "اِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ" (البقرة 222). وما تضمنته جملة من النصوص من نزول الآية في الاستنجاء بالماء. حسب النصوص الكثيرة المتضمنة الحث على استمرار الطهارة، كخبر أنس: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا أنس أكثر من الطهور يزيد الله في عمرك، وإن استطعت أن تكون بالليل والنهار على طهارة فافعل، فإنك تكون إذا مت على طهارة شهيدا " وغيره مما ذكره في مستدرك الوسائل.

 

بين المرجع الاعلى السيد محمد سعيد الحكيم قدس سره: حكى عن الأزهري قوله: "والمحيض والحيض اجتماع الدم إلى ذلك المكان"، وفي التبيان: "وأصل الباب الحيض: مجيء الدم لاُنثى على عادة معروفة"، وفي مجمع البحرين: "والحيض إجتماع الدم. والحيضة المرة الواحدة من الحيض"، وفي نهاية ابن الأثير:"فأما الحيضة بالفتح فالمرة الواحدة من دُفَعِ الحيض وَنُوَبِه"، ونحوه في لسان العرب، مع وضوح أن المرة والدفعة والنوبة من صفات الأفعال، لا الأعيان، ولم يشر في شيء منها إلى مجيئه بمعنى الدم بنحو الاشتراك ـ كما ذكروا ذلك في البول ـ فضلاً عن الاختصاص. نعم، في مفردات الراغب:"الحيض الدم الخارج من الرحم على وجه مخصوص في وقت مخصوص، والمحيض الحيض". لكن لا مجال للخروج به عمّا سبق، ولاسيما مع مطابقته للمعنى العرفي ومناسبته لهيئة الحيض واشتقاقاته المختلفة من اسم الزمان والمكان والمصدر وغيرها. كما لا مجال مع ذلك لدعوى: أنه بمعنى الدم شرعاً، وإن صرّح به في التذكرة والمنتهى والروض، لعدم الدليل على خروج الشارع عن المعنى اللغوي والعرفي، بل هو خلاف الأصل وبعيد في نفسه، لخلوه عن الفائدة المصححة له، ومخالفته لظاهر إضافة الدم إليه في النصوص، حيث يبعد كونها من إضافة العام للخاص. ومجرد إطلاقه في بعض النصوص على الدم لا يكشف عن نقله إليه، لأن الاستعمال أعم من الحقيقة، بل الظاهر ابتناؤه على التسامح في إطلاق الشيء على متعلقه، كما هو كثير في استعمالات العرف والشرع. ومثله ما يظهر من المدارك واحتمله في كشف اللثام من كونه المعنى الاصطلاحي له. فإنه وإن لم يكن في الاصطلاح مشاحة، إلا أن ثبوت الاصطلاح بتصريح من عرفت لا يخلو عن إشكال مع إهمال جملة من الأصحاب التعرض لذلك، وشيوع إضافة الدم إليه في كلماتهم ـ حيث يبعد كونها من إضافة العام للخاص، كما سبق ـ وتصريح بعضهم ـ كالحلبي في إشارة السبق ـ بأنه خروج الدم المخصوص. فلا يبعد كون مبنى تعريفه بالدم في كلام من سبق على التسامح أو الخطأ في تشخيص المعنى اللغوي والعرفي لا تحديد معنى اصطلاحي له مخترع. وأشكل من ذلك: الاقتصار في التذكرة والمنتهى والروض والمدارك في بيان المعنى اللغوي على السيل أو الاجتماع أو نحوهما مما سبق التعرض له في بيان منشأ التسمية. حيث يظهر من ذلك عدم معهودية الحيض بالمعنى الخاص في اللغة والعرف السابق، وأنه من مستحدثات الشارع، أو الفقهاء، لتعلق الغرض به بسبب أحكامه الشرعية، كالإسلام والوضوء والأذان والإقامة ونحوها مما كانت تسميتها بلحاظ مناسبتها لمفاهيم لغوية عامة من دون أن تكون معهودة قبل الشريعة لأهل اللغة، مع وضوح أن الحيض ليس كذلك، بل هو معروف بين الناس بما له من المعنى الخاص مع قطع النظر عن أحكامه الشرعية، كما يشير اليه قوله تعالى: "ويسألونك عن المحيض قل هو أذى" (البقرة 222)، ولذا كان مورداً للأحكام والآثار العملية في كثير من الأعراف والأديان غير المرتبطة بالإسلام، فهو كسائر المفاهيم العرفية التي أخذت موضوعاً للأحكام الشرعية، كالجنابة والمني والبول وغيرها.

 

 

جاء في كتاب فاجعة الطف للسيد محمد سعيد الحكيم: كثر الحديث عن نهضة الإمام الحسين صلوات الله عليه التي انتهت بفاجعة الطف عرضاً وتقييم، وتفجعاً وافتخار، وغير ذلك من شؤون هذه الملحمة الدينية الكبرى. ولعله لم تحظ واقعة في الإسلام ـبل في العالم بمثل ما حظيت به هذه الواقعة من الاهتمام والتقييم في أحاديث وكتابات بلغ كثير منها كتباً كاملة، بل مجلدات. وذلك قد يوحي بأن الحديث عنها بعد ذلك لا يزيد شيئ، بل هو تكرار لأفكار سابقة، واجترار لمفاهيم مطروحة. ولكن الذي يبدو لنا أن الأمر ليس كذلك، وأن بعض جوانب هذه النهضة المباركة لم يأخذ حظه المناسب من البحث والتقييم. بل حيث كانت هذه النهضة المقدسة ـ حسب عقيدتنا كمسلمين شيعة إمامية اثني عشرية نستمد تعاليمنا من أئمة أهل البيت صلوات الله عليهم بأمر من الله تعالى وعهد معهود منه سبحانه، فقد تكون لها من الأهداف والثمرات في علم الله عز وجل ما لم يدركه الناس بعد. وربما يظهر بمرور الزمن وفي الوقت المناسب من فوائدها وثمراتها ما هو مغفول عنه الآن. يقول الله سبحانه وتعالى: "وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء" (البقرة 255) . وها نحن نضع بين يدي القارئ الكريم كتاب فاجعة الطف الذي بحثنا فيه جوانب مهمة من نهضة الإمام الحسين (صلوات الله عليه) لم تطرق من قبل، أو لم تأخذ حظها المناسب من البحث والتقييم. وقد اخترنا للكتاب هذا العنوان من أجل أن أهمية هذه النهضة المباركة، وموقعها المتميز من بين الأحداث، في خلوده، وترتب الثمرات الجليلة عليه، وما أحدثته من هزّة في المجتمع الإسلامي، وتحول في نظرته للسلطة، كل ذلك إنما كان بلحاظ وجهها الدامي، وجانبها المفجع، وظلامتها الصارخة. ولذا أكّد أئمة أهل البيت (صلوات الله عليهم) على هذا الجانب بوجه ملفت للنظر.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك