الدكتور فاضل حسن شريف
كانت الجيوش خلال الحروب تخرب سدود وخزانات الاعداء كما فعلت جيوش كسرى في العراق وجيوش الروم في بلاد الشام لانها المصدر المائي والغذائي حيث الماء الذي ينزله الله تعالى يحتاج الى خزن لاستخدامه وقت الحاجة "وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * تبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ * وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ * وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ * رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ" (ق 7-11) فالاية تبين ان العامل في مجال الزراعة والمياه والاستفادة منها بعمل السدود والخزانات سيجعل الارض جنات ونخيل ويحي الارض. فله ثواب يؤجر على عمله المبارك.
وكان خراج الدولة الاسلامية زمن الخلفاء المسلمين يتحصل من البقعة الزراعية في وادي الرافدين. واهتم الحذيفة بن اليمان بانشاء القناطر التي سميت باسمه واحياء المشاريع الاروائية. واستخدم بحر النجف في خزن المياه بالاضافة الى بناء السدود في منطقة الكوفة القريبة من هذا البحر. وكذلك بنيت سدود على الاهوار جنوب العراق وسد وخزان خريفة بين تدمر ودمشق في الشام. واقيمت سدود على الفرات. وانشأ سدين شمال غرب بغداد ليتفرع نهران هما الدجيل وكرخيا، وسدين على اطراف بغداد وعلى نهري القلائين والبزازين لسقاية بساتين بغداد، وسد على نهر الخر وسد على نهر عيسى مارا بمنخفض عقرقوف. وشق نهر النهروان وانشأ عليه سد. ومن العرب المسلمين الذين ابدعوا ببناء السدود ابناء موسى بن شاك والمهيمن قيصر بن ابي القاسم وعبد الغني بن المسافر.
والله تعالى حث على التقدم العلمي "لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ" (المدثر 37)، ومن القصص على ذلك قصة ذي القرنين في صناعة السدود الضخمة، بالاضافة الى قصة تفوق آدم على الملائكة بالعلم وقصة نوح في صناعة السفن، وقصة داود في صناعة الحديد وقصة نوح في صناعة السفن، و قصة خاتم الانبياء في معرفة مسببات الاسباب وحربه ضد الخرافات والكهنة والسحرة.
وعند انشاء السدود يجب تطبيق الحديث النبوي (لا ضرر ولا ضرار) فالسد عمل مباح ولكن ان لا يضر الاخرين ويحسر المياه عنهم فيدخل في باب الفساد في الارض " وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ" (القصص 77). و جاء في الحديث الشريف (الناس شركاء في ثلاثة: الماء والنار والكلأ). والصلح في الامور المتنازعة بسبب انشاء السدود فهو عمل خير " وَالصُّلْحُ خَيْرٌ" (النساء 128).
https://telegram.me/buratha