الصفحة الإسلامية

نظرية الفساد امام الحرية في الحكم تعارض القرآن الكريم (ح 1)


الدكتور فاضل حسن شريف

ان الحرام لا يقابل بالحلال وبالعكس في امور الدين بل حتى الضمير الانساني لا يقبل ذلك التصرف. اما القرآن الكريم فيعتبر ذلك نفاقا اي عقوبته اشد من مقابلة الحرام بالحرام فهي مكشوفة واضحة. فهل يمكن فتح شركة مشروبات كحولية "إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ" (المائدة 91) او تعليب لحم خنزير "إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ" (البقرة 173) لتصرف ارباحها في عمل خيري كفتح مسجد او مساعدة الفقراء. فالاية (البقرة 91) توضح ان الخمر ضد الصلاة حيث تنشأ المساجد لاقامة الصلاة. وبالمثل سرقة مال الشعب وهو نوع من الفساد مقابل اعطاء الشعب الحرية وهي من الامور الحسنة الواجب على الحكومة اصلا ان توفرها لمواطنيها.

 

الفساد هو الابتعاد عن الصواب، وعكسه الصلاح هو الاقتراب من الصواب. وصيغة فعل الفساد ذكرت في القرآن في عدد من الايات. وجاء في القرآن الكريم بصيغتي الفعل والاسم. والمفسد عكس المصلح. وهذا يدل على خطورة الفساد وضرورة مكافحته لانه اساس البلاء والفتنة. ومن الايات التي جاء فيها الفساد بصيغة الفعل "وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ" (البقرة 11)، و"لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ" (المؤمنون 71)، و "لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا" (الانبياء 22)، و "وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا" (البقرة 205)، و "قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا" (النمل 34). واكثر الافعال في القرآن الكريم هي عن فساد الارض.

 

تعرف الحرية بقيام الانسان بالاعمال والاقوال دون الضرر بالاخرين. والحرية ضد الممانعة. فعلى الدولة عدم ممانعة مواطنيها بان يعملوا ويقولوا ما يرغبون به. والحرية عكس العبودية التي هي عدم استطاعة العمل والقول بارادة الانسان الذاتية. والحرية تماثل الاختيار بينما العبودية تماثل وعادة الحكام الفاسدون يحولون الحرية الى فوضى "وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآء مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ في الأرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُواْ ءالآء اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ في الأرْضِ مُفْسِدِينَ" (الاعراف 74) لان الفوضى تشكل حماية شيطانية لافعالهم "وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" (الانعام 43). والفوضى عكس النظام والترتيب والتصفيف الذي يشكل بنيان المجتمع والبلد "صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ" (الصف 4). والحرية تماثل البناء بينما الفوضى تماثل الهدم "وَلاَ تُفْسِدُواْ في الأرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا" (الاعراف 56). فعند مشاهدة الفوضى فاعلم ان هناك فساد "وَيَسْعَوْنَ في الأرْضِ فَسَاداً وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ" (المائدة 64). بينما عندما تلاحظ بناء ووجود حرية فاعلم لا وجود لفساد او استبداد.

 

وتصبح الارض فاسدة عندما يتغلب الفساد على الصلاح "وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ" (البقرة 251). ان الله لا يحب المفسدين "وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ" (المائدة 64)، و "وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ" (القصص 77). والله لا يحب الفساد "وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا" (البقرة 205). والمفسد عاقبته وخيمة "وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ" (الاعراف 86)، و "فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ" (الاعراف 103) (النمل 14). والعقوبة ضد الفاسد لا تطبق الا بعد توفير الدولة مستلزمات الحياة للمواطن، فمثلا السارق لا يمكن معاقبته والدولة لا توفر له قوت يومه البسيط. وبعد توفير مستلزمات العيش الاساسية للمواطن فيجب عدم ترك المجرم الفاسد يسرح ويمرح بدون عقاب "والسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" (المائدة 38).

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك