الدكتور فاضل حسن شريف
يقول سماحة الشيخ جلال الدين الصغير امام جامع براثا (أن المنقذ جاء على شكل الرسول صلوات الله عليه وآله، وطرح مشروعه للكمال رحمة للعالمين، ولكنه ما ان طرح مشروعه حتى غادر الدنيا وسرعان ما عادت الدنيا لطبيعتها تبحث عن المنقذ من جديد، لكثرة الظلم الذي حاق بها، وإنما أصّرت هذه المدرسة المباركة على ديمومة وجود المجسّد الاجتماعي للكمال والذي أطلقت عليه دور الإمامة، وقالت بأنه لا يمكن أن تخلو الأرض من حجة، ومرادها ضمن نطاق بحثنا هنا هو هذا التجسّد التاريخي للكمال، بحيث يكون هذا التجسد هو الحجة على الناس في عملية تحقيق مشروع الكمال في الواقع الذاتي والاجتماعي، ومن هنا جاء طرح القرآن الكريم لمفهوم المطهّرين الذين أذهب الله عنهم الرجس).
قال الله سبحانه وتعالى "وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ" (البقرة 124). والظالم ضعيف الايمان بل لا ايمان له كما قالت فاطمة الزهراء عليها السلام (إنَّما يحتاج إلى الظُّلم الضَّعيف). و الامام علي عليه السلام امام المتقين فهو لا شائبة على ايمانه وهو امير المؤمنين والذي لم يعبد صنم هو ورسول الله صلى الله عليه واله وسلم قبل الرسالة لهذا من القابه كرم الله وجهه من الشرك. لهذا فهو ذرية ابراهيم عليه السلام غير الظالمة التي تستحق الامامة بعد الرسول محمد صلى الله عليه واله وسلم هو واولاده واخرهم الحجة المنتظر هم اهل البيت الذين طهرهم الله تعالى "إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً" (الاحزاب 33) وهم فاطمة وابوها وبعلها وبنيها اصحاب الكساء كما جاء في صحيح مسلم، مسند احمد بن حنبل، الترميذي، الحاكم الحسكاني، الحاكم النيسابوري، ابن الاثير، الواحدي، الصقلاني وغيرهم.
قال الرسول محمد صلى الله عليه واله وسلم في حديث الثقلين (إنّي تاركٌ فيكم الثقلين ما إن تَمَسَّكتم بهما لن تضلّوا بعدي: كتابَ اللَّه وعترتي أهلَ بيتي، لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوضَ) وقد رواه عدد كثير من الرواة منهم مسند أحمد وابن راهويه و أبي يعلي وفي صحيح الترمذي وطبقات ابن سعد والمعجم الكبير ومصابيح السنة للبغوي وجامع الأصول لابن الأثير. وقد ذكره صلى الله عليه واله وسلم في اكثر من زمان ومكان فقد ذكر الرواة ان ذلك حصل بعد الرجوع من فتح مكة في طريقه إلى الطائف، وقع في يوم عرفة عندما كان راكبا على جمله في حجة الوداع، جمع الناس في غدير خم قبل تفرق الحجاج وذكر الحديث المذكور، ذكره في خطبة الجمعة مع حديث الغدير، ذكره أثناء صلاة الجماعة في مسجد الخيف في آخر أيام التشريق، أورده النبي صلى الله عليه واله وسلم على المنبر، آخر خطبة خطبها، الخطبة التي خطبها بعد الانتهاء من آخر صلاة جماعة صلاها، وعلى فراش الموت عندما كان الأصحاب مجتمعين إلى جنبه. وهذا يدل ان الحديث كرره تأكيدا عدد من المرات حتى لا يحصل اي التباس، و اذا لم يكن احد حاضرا في مكان فيسمعه في مكان اخر لاهميته.
جاء في تفسير نور الثقلين عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في خطبة الغدير: (معاشر الناس، القرآن يعرفكم أن الأئمة من بعده ولده، وعرفتكم أنه مني وأنا منه، حيث يقول الله عزَّ وجلَّ: "وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ" (الزخرف 28) وقلت: لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما). قال امير المؤمنين عليه السلام (اللَّهُمَّ بَلَى لَا تَخْلُو الْأَرْضُ مِنْ قَائِمٍ لِلَّهِ بِحُجَّةٍ، إِمَّا ظَاهِراً مَشْهُوراً، و إِمَّا خَائِفاً مَغْمُوراً، لِئَلَّا تَبْطُلَ حُجَجُ اللَّهِ و بَيِّنَاتُهُ). قال الله عز وجل "وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ" (الانبياء 105) فمن هم اصلح القوم بعد الرسول محمد صلى الله عليه واله وسلم غير علي واولاده عليهم السلام.
https://telegram.me/buratha