الدكتور فاضل حسن شريف
يقول المفكر الإسلامي الشهيد السيد محمد باقر الصدر قدس سره (ان الانتظار إلهامٍ فطريٍّ أدرك الناس من خلاله على الرغم من تنوع عقائدهم ووسائلهم إلى الغيب أنَّ للإنسانية يوماً موعوداً على الأرض تحقق فيه رسالات السماء بمغزاها الكبير. وحينما يدعم الدين هذا الشعور النفسي العام ويؤكد أنَّ الأرضَ في نهايةِ المطاف ستمتلئ قسطاً وعدلاً بعد أنْ ملئت ظلماً وجوراً. الإيمان بالمهدي إيمانٌ برفضِ الظلمِ والجورِ. وأنَّ الظلم مهما تجبَّر وامتدَّ في أرجاء العالم وسيطر على مقدراته، فهو حالة غير طبيعية ولا بد أنْ ينهزم. وتلك الهزيمة الكبرى المحتومة للظلم وهو في قمةِ مجده، تضع الأمل كبيراً أمامَ كل فردٍ مظلومٍ، وكل أمةٍ مظلومةٍ في القدرة على تغيير الميزان وإعادة البناء).
يتضح من مقالة الشهيد الصدر ان الامام المهدي عجل الله فرجه درس لمجابهة الظالم وعدم الركون اليه، وعلى من يريد الانتظار ان يقاوم ظالم زمانه ولو بالقول "لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ" (النساء 148). وان الامام المهدي عجل الله فرجه يطلب من اعوانه في اي وقت ان يخشوا الله ولا يخشوا الظالم "إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي" (البقرة 150). يقول الله تعالى "فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها" (الروم 30) حيث ان فطرة الانسان هو الامل وينتظر اليوم الموعود حيث قال الله جل جلاله "وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ" (البروج 2).
والحجة المنتظر لا يريد من محبيه ان يتولى احدا منهم الظالمين "وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ" (التوبة 23). فالظالم نتيجته الهزيمة باذن الله بتظافر جهود المنتظرين في اي وقت منذ اختفاء الامام المهدي حتى ظهوره الشريف كما قال الله تعالى "فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ" (البقرة 251) مهما كانت عدة وجمع الظالم حيث قال عز من قائل "سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ" (القمر 45). وفي كل مجتمع من المنتظرين لهم قائد في كل زمان هو الذي يهزم الظلم واعوانه كما قام بهذه المهمة الانبياء والائمة عليهم السلام "وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ" (البقرة 251). ولا يقبل المنتظر للامام الحجة الجور ولا يحيد عن سبيل الله تعالى "وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ" (النحل 9).
من الايات التي تشير الى الامام المهدي عجل الله فرجه الشريف حسب ما جاء في تفاسير مختلفة "وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ" (النور 55) وقال عز من قائل "وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ" (القصص 5) وقال سبحانه وتعالى: "وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ" (الانبياء 105)، و قوله سبحانه "وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" (الزخرف 28). و قوله تعالى "وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ" (الزخرف 61).
https://telegram.me/buratha