الدكتور فاضل حسن شريف
في قول لسماحة الشيخ جلال الدين الصغير امام جامع براثا (اميرنا صلوات الله عليه هو خليفة الرحمة المهداة للكون، وهو الحنان المطلق الذي يتسع لكل اللائذين به، ولكن شتان بين حياء البر وصلف العصيان. اتعهدت في زيارته عليه السلام وقلت: اني سلم لمن سالمك وولي لمن والاك؟ ان كنت فعلت فهل فكرت بمن هم الذين سالموه ووالوه وطبيعة تصرفك معهم؟ هل يعقل ان اللسان المغتاب او الكاذب او النمام او الغنّاء او البذيء او الثرثار بغير الحق اللاهي بالباطل يجد نفسه جديرا في خطاب الامير عليه السلام؟ هل يعقل ان اليد التي تسرق وتبتز وتعتدي على حرمات الله يحسب صاحبها انها جديرة في ان تمتد للتعاهد والمبايعة لأمير المؤمنين عليه السلام؟ ولكن من اجل ان نحقق التبادل الفاعل في علاقتنا مع وليد الكعبة تعالوا لنطهر السنتنا واعيننا وارجلنا وقلوبنا عما لا يقبل به امامنا عليه السلام.)
ادكد سماحة امام جامع براثا ان امير المؤمنين عليه السلام رحمة الهية للبشرية وهو القائل (الناس صنفان: إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق). وقال الرسول محمد صلى الله عليه واله وسلم ( أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد كلكم لآدم وآدم من تراب أكرمكم عند الله اتقاكم). قال الله تعالى "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ" (الحجرات 13). و امير المؤمنين عليه السلام الحنان المطلق، والحنان هي صفة الرحمة بمضمونها العاطفي التي اكتسبها من رب العباد "وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا" (مريم 13). ولكن هل المحب للامير عليه السلام يملك هذه الصفة والا سيكون عاصيا لمن يحب.
وبين الشيخ جلال الدين الصغير ان المحب لامير المؤمنين عليه السلام والذي يقول في زيارته (اني سلم لمن سالمك وولي لمن والاك) فهل انت سلم مع الاخر المحب له في تصرفاتك القلبية والقولية والفعلية ام تحمل الضغينة والكراهية بل تستخدم يدك ضده. يقول الرسول الاعظم صلى الله عليه واله وسلم (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده). يقول الله تعالى "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ" (الحجرات 10). وهل اثرت محبة الامير على نفسك كما قال الله تعالى "وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ" (الحشر 9).
واضاف امام جامع براثا هل المحب للامير عليه السلام يعاكس صفات من يحب من غيبة وكذب ونميمة وثرثرة فارغة ولهو باطل. فمثل هذا المحب تقترب افعاله الى النفاق. يقول الله سبحانه "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ" (النساء 142). فالذي يقف امام الامام عليه السلام ويناديه باحب الكلمات ولكنه يعمل عكسها فهذا كما قال الله تعالى عنه "إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ" (المنافقون 1). وهذه الصفات ذمها الله تعالى، فقال عز من قائل عن الغيبة "وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا" (الحجرات 12). وعن الكذب يقول الله عز وجل "وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ" (البقرة 10). وذم الله سبحانه النميمة "وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ" (القلم 10-11)، وجاء في الحديث الشريف (لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ نَمَّامٌ). وقال الله جل جلاله عن اللغو "قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ" (المؤمنون 1-3)، وقال الرسول صلى الله عليه واله وسلم (وإن أبغضكم إليّ وأبعدكم منى يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون).
واوضح الشيخ جلال الدين الصغير ان امير المؤمنين عليه السلام الذي حارب المعتدين لا يشرفه ان يكون من محبيه المعتدي السارق المبتز. والله تعالى لا يحب المعتدين "وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ" (البقرة 190). والله تعالى يعاقب السارقين "وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" (المائدة 38-39) فعليك ايها السارق المبتز بالتوبة واصلاح ما فات لتكون ممن يحبهم الله تعالى ونبيه ووصيه عليهما السلام.
https://telegram.me/buratha