الدكتور فاضل حسن شريف
عن صبر السيدة زينب عليها السلام وهي القائلة الى عبيد الله بن زياد (ما رأيت إلّا جميلاً، هؤلاء قومٌ كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم وسيجمع الله بينك وبينهم وتحاد وتخاصم فانظر لمن الفلج يومئذ ثكلتك أُمّك يابن مرجانه) لانها تثق بالله كما قال يعقوب عليه السلام "فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ" (يوسف 18).
وكانت الحوراء زينب عليها السلام تستلهم ايات القرآن الكريم في خطبها كما قالت لاهل الكوفة عند قدومها مع السبايا من كربلاء الى الشام: فالإمهال ليس دليلاً على الإهمال، قال تعالى "وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ" (ابراهيم 42-43).
قالت السيدة زينب عليها السلام حين وصول سبايا معركة الطف عليهم السلام الى ديوان الطاغية يزيد في دمشق: من العدل يا ابن الطلقاء تخديرك حرائرك وامائك وسوقك بنات رسول الله صلى الله عليه واله سبايا قد هتكت ستورهن وابديت وجوههن تحدو بهن الاعداء من بلد الى بلد، ويستشرفهن اهل المناهل والمناقل ويتصفح وجوههن القريب والبعيد والدني والشريف ليس معهن من رجالهن ولي ولا من حماتهن حمي، وكيف يرتجى مراقبة من فوه اكباد الازكياء ونبت لحمه بدماء الشهداء وكيف يستبطئ في بغضنا اهل البيت من نظر الينا بالشنف والشنآن والاحن والاضغان، ثم يقول غير متألم ولا مستعظم: واهلوا واستهلوا فرحا ثم قالوا يا يزيد لا تشل. وتستمر السيدة زينب عليها السلام في خطبتها في كشف الحقائق المخفية على العوام من الامة التي تدعي انها امة محمد صلى الله عليه واله، وهو القائل: "لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ" (الشورى 23). وقالت العقيلة زينب عليها السلام ايضا: أظننت يا يزيد حيث اخذت علينا اقطار الارض وآفاق السماء فاصبحنا نساق كما تساق الاماء ان بنا على الله هوانا وبك عليه كرامة، وان ذلك لعظم خطرك عنده فشمخت بأنفك ونظرت في عطفك جذلان مسرورا، حين رأيت الدنيا لك مستوسقة والامور متسقة، وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا مهلا مهلا أنسيت قول الله تعالى: "وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ" (ال عمران 178).
كتب الحافظ السيوطي الشافعي: وُلدَت زينب في حياة جَدّها رسول الله صلّى الله عليه وآله، وكانت لبيبةً جَزْلةً عاقلة، لها قوّة جَنان؛ فإنّ الحسن عليه السلام، وُلِد قبل وفاة جدّه بثمان سنين، والحسين عليه السلام بسبع، وزينب الكبرى عليها السلام بخمس سنين. قال الرسول محمد صلى الله عليه واله وسلم (كل بني أم ينتمون إلى عصبتهم إلا ولد فاطمة فإني أنا أبوهم وعصبتهم). ومن القاب السيدة زينب عليها السلام العالمة غير المعلمة، أم المصائب، الطاهرة، عقيلة الطالبيين، الغريبة.
وفي كتاب القاموس فان زينب إسم لشجر حسن المنظر طيب الرائحة، واحدته. وقال ابن الأعرابي اصل زينب هو زين أب، حذفت الألف لكثرة الاستعمال. ولقبت بالعقيلة لانها المرأة الكريمة، النفيسة، المخدرة. كتب الشيخ الطبرسيّ: أمّا زينب الكبرى بنت فاطمة عليها السلام، بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله، فقد تزوّجها عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، فوُلِد له منها: عليٌّ وجعفر، وعون الأكبر، وأمّ كلثوم.
https://telegram.me/buratha