الدكتور فاضل حسن شريف
قد يكون المبتدئ تدريسه اصعب من المتقدم ليس في المادة المعطاة وانما بكيفية اعطاء المادة ومنهم المبتدئ بدراسة كتاب الله الحكيم. وكذلك تدبر القرآن واجب على كل مؤمن، وليس حصرا على عالم الدين ان يكون هو المتدبر والاخرين لا يحق لهم ذلك. ولكن كلما قدمت المادة بشكل سهل شامل بدون الدخول في التفاصيل كلما كان قارئ القرآن الكريم اكثر رغبة في تدبر ما يقرأ. وهذه السلسلة تقدم نموذج للمبتدأ والمتدبر لعلها تقدم اسهام متواضع في شمول جمهور المؤمنين الذين يرغبون البدأ بدراسة وتدبر آيات القرآن الكريم.
جاء في سورة الانبياء قوله تعالى "وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (79) وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ (80) وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ (81) وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ (82)" (الأنبياء 78-82).
داوود وسليمان عليهما السلام نبيان من انبياء الله عز وجل حيث داوود اب سليمان. دخلت ماشية ليلا الى مزرعة وحصلت منازعة بين صاحب المزرعة وراعي الماشية. رفع النزاع الى الملك داود عليه السلام حاكم بني اسرائيل الذي شاور ابنه سليمان عليه السلام حول هذا النزاع، وتم الحكم بين صاحب المزرعة والراعي اعتمادا على رأي سليمان. وان الله جل جلاله اعطى كل من النبيين داود وسليمان عليهما السلام الحكمة والعلم. وسخر الله تعالى الجبال والطير لداود عليه السلام بأمره سبحانه، وعلمه عز وجل صناعة الدروع الحديدية ليتحصنون بها، فالشكر لله على ذلك. وسخر الله جل جلاله الريح لسليمان عليه السلام لتجري الى الارض المباركة مأوى سليمان، وسخر له الشياطين يغوصون له لاستخراج اللؤلؤ ويعملون له اعمال اخرى.
قال الله سبحانه وتعالى في سورة النمل "وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15) وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16) وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19) وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26) قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27) اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (28)" (النمل 15-28).
في سورة النمل تفصيل لما ورد في سورة الانبياء. اعطى الله سبحانه العلم الى النبيين داود وسليمان عليهما السلام وكما جاء ايضا في سورة الانبياء وقد حمدا الله بتفضيلهما على كثير من العباد المؤمنين. وورث النبي سليمان من ابيه داوود عليهما السلام. وخاطب سليمان الناس بان الله علمهما اصوات الطيور واعطاهما كل شئ كالعلم والنبوة والملك والحكم والنعم المادية والمعنوية، وهذا فضل من الله لا ريب فيه. ولسليمان عليه السلام جنود من الجن تسير معه كما هم جنود الانس والطيور بدون اختلاط بعضهم البعض. وعندما وصل سليمان عليه السلام وجنوده الى اعلى وادي النمل قالت نملة مخاطبة بقية النمل ان يدخلوا الى مساكنهم حتى لا يطأ الجنود باقدامهم وهم لا يشعرون بذلك. فتبسم ضاحكا سليمان عليه السلام لانه سر بنعمة معرفة خطاب النملة فشكر الله على نعمة تسخير الجنود ومنطق الحيوانات، والنعمة التي انعم على والديه الاب داوود عليه السلام والام التي ولدت سليمان والتي اصبحت من آل بيت النبوة، وطلب من الله ان يعمل الصالحات ليكون من العباد الصالحين. وتفقد سليمان عليه السلام طيور موكبه فلم يرى من بينهم الهدهد، فعليه ان يبرر غيابه لكي ينجو. فلما قدم الهدهد برر غيابه بانه جاء بخبر مهم من سبأ بأن وجد امرأة وهي ملكة اهل سبأ ولها ملك عظيم فيه كل شئ وخاصة عرشها العظيم. ووجد الهدهد ان اهل سبأ من عبدة الشمس بسبب تزيين الشيطان لهم هذه العبادة بسجودهم للشمس، وجعلهم لا يهتدون لعبادة الله عالم ومدبر السماوات والارض ان كان في الخفاء او العلن، لا اله الا هو المتعين السجود له وتعظيمه وهو رب العرش العظيم ان كان عرش الملكة او غيره. فقال سليمان عليه السلام للهدهد سننظر هل انت صادق ام كاذب، وعليه اطلب منك ان تذهب بكتابي الى ملكة سبأ وملأها وابتعد عنهم وانظر اليهم واعرف عن من يتكلمون حول الكتاب.
https://telegram.me/buratha