الدكتور فاضل حسن شريف
الفتيان او الشباب اكبر من الغلمان كما ورد في الايات "قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ" (الانبياء 60) و "إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ" (الكهف 10) و " إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى" (الكهف 13) و "وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ" (الكهف 60). كان عمر علي الاكبر عند استشهاده 25 سنة في حين كان عمر اخيه الامام علي زين العابدين 23 سنة يوم الطف.
شبيه يوسف ابن يعقوب عليهما السلام علي الاكبر ابن الحسين عليهما السلام كما قال الله تعالى "وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (يوسف 22) ضرب الله سبحانه مثلا للفتيان والشباب هو النبي يوسف عليه السلام الذي اتاه العلم والحكمة عندما بلغ اشده حيث صمد امام الاغراءات صابرا محتسبا، وصبر امام الاضطهاد والقمع والمطاردة والتهديد بالسجن والنفي، وكافح امام المجتمع الفاسد. وظل اباه يعقوب حزينا وابيضت عيناه من الحزن بسبب غياب ابنه يوسف الشاب اليافع كما حصل لعلي الاكير الذي استشهد في معركة الطف بوجود ابيه ابي عبد الله عليه السلام الذي استشهد في نفس اليوم مع ابناءه واخوته، وهذه المصيبة تفوق مصيبة يوسف وابيه.
هو علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب. و امه فليلى الثقفية ابنة ابي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي. ولد في الحادي عشر من شعبان سنة ثلاث وثلاثين للهجرة، في رواية ثانية سنة ثلاث واربعين للهجرة في المدينة المنورة، فكني بابي الحسن، ولقب بالاكبر لانه اكبر اولاد الامام الحسين عليهم السلام. وكان اشبه الناس برسول الله خلقاً وخلقاً ومنطقاً.
عندما برز علي الاكبر ابن الحسين قال الحسين عليه السلام (فقد برز اليهم غلام اشبه الناس خلقا وخلقا ومنطقا برسولك) وقال علي الاكبر (تا الله لا يحكم فينا ابن الدعي اضرب بالسيف احامي عن ابي). وقد طلب رجل من علي الاكبر ان يترك اباه وله الامان كون جدته من امه ليلى هي بنت ابي سفيان. ولكونه كان بارعا في الشعر فرد عليه وانشد: انا علي بن حسين بن علي انا وبيت الله اولى بالنبي من شمر وشبت وابن الدعي.
وعند استشهاده وهو اول شهداء اهل البيت في معركة الطف، قال الحسين عليه السلام (على الدنيا بعدك العفا). وصاح الحسين بعمر بن سعد : مَا لَكَ : قَطَعَ اللَّهُ رَحِمَكَ ، وَ لَا بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَمْرِكَ ، وَ سَلَّطَ عَلَيْكَ مَنْ يَذْبَحُكَ بَعْدِي عَلَى فِرَاشِكَ. كَمَا قَطَعْتَ : رَحِمِي ، وَ لَمْ تَحْفَظْ قَرَابَتِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ . ثمّ تلا : "إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" (آل عمران 33-34) . و الحسين عليه السلام رمى الدم بيده الشريفة ثلاث مرات الى الاعلى ولم تسقط منه قطرة أولها دم علي الأكبر وثانيها دم ابنه الرضيع وثالثها دمه الشريف. ودفن علي الاكبر مع الشهداء مما يلي رجلي ابيه عليه السلام.
وعند زيارة علي الاكبر المدفون جنب ابيه تقف امامه وتقول: السلام عليك أيها الصديق الطيب الطاهر، والزكي الحبيب المقرب، وابن ريحانة رسول الله. السلام عليك من شهيد محتسب ورحمة الله وبركاته. ما أكرم مقامك، واشرف منقلبك. اشهد لقد شكر الله سعيك، وأجزل ثوابك وألحقك بالذروة العالية، حيث الشرف كل الشرف، وفي الغرف السامية في الجنة فوق الغرف، كما منَّ عليك من قبل وجعلك من أهل البيت الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً. والله ما ضرك القوم بما نالوا منك ومن أبيك الطاهر صلوات الله عليكما، ولا ثلموا منزلتكما في البيت المقدس، ولا وهنتما بما أصابكما في سبيل الله، ولا ملتماً إلى العيش في الدنيا، ولا تكرَّهْتما مباشرة المنايا. إذ كنتما قد رأيتما منازلكما في الجنة قبل ان تصيرا إليها، فأخترتماها قبل أن تنتقلا إليها.
https://telegram.me/buratha