الدكتور فاضل حسن شريف
قال أمير المؤمنين عليه السلام: من علمني حرفاً فقد صيرني عبداً. وقال عليه السلام: أنا عبد من علمني حرفاً واحداً، إن شاء باع وإن شاء أعتق، وإن شاء استرق. وروي ان لقمان قال لابنه: يا بني كن عبداً للأخيار.
والفرق بين عبودية المالكية وعبودية الطاعة ان عبودية المالكية تحصل في الحياة وتنتهي بموت الشخص. بينما عبودية الطاعة تحصل في الحياة وبعد الموت. فالمسلمون يطيعون النبي واله عليهم السلام في حياتهم ولا يتركوها بعد مماتهم وانما واجب علييهم طاعة الرسول واله بعد مماتهم كما قال الله سبحانه "يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِى ٱلْأَمْرِ مِنكُمْ" (النساء 59) واولي الامر هم الائمة عليهم السلام كما تطرقنا حول ذلك في حلقة سابقة.
هنالك نوعان من معاني العبد في اللغة اولهما اسم عبد وجمعه عباد وتأتي العبادة بهذا المفهوم ويقصد بها عبادة الله جل جلاله وحده لا شريك له، ومعنى ثاني يطلق عليه اسم عبد وجمعه عبيد وتأتي العبودية بهذا المفهوم ويقصد بها خدمة الآخر. ومن الامثلة على النوع الثاني ان زيدا كان عبدا لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم، والصحابي بلال عبدا لامية بن خلف قبل ان يعتقه الرسول بمال خديجة عليها السلام. والاكثر من ذلك ان عبد المطلب جد النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم كان عبدا عند عمه عبد المطلب.
قال الله تعالى "أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَٰبَنِىٓ ءَادَمَ أَن لَّا تَعْبُدُواْ ٱلشَّيْطَٰنَ ۖ إِنَّهُۥ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ" (يس 60) نزلت هذه الاية لان الناس كانوا يطيعون الشيطان ولا يعبدوه بمفهوم الالوهية.
وجاء في الزيارات (يا موالي، يا أبناء رسول الله، عبدكم وابن أمتكم، الذليل بين أيديكم)، و (وأشهد يا موالي، وطوبى لي إن كنتم موالي أنّي عبدكم، وطوبى لي إن قبلتموني عبداً)، و (وأشهدكم يا موالي، بأبي أنتم وأُمّي ونفسي أنّي عبدكم، وطوب لي إن قبلتموني عبداً). فابناء رسول الله الائمة الاطهار عليهم السلام هم الموالي السادة الذين امرنا الله طاعتهم واوجب علينا ان نكون عبيد لهم وليس عباد، فان الانبياء والائمة عليهم السلام وجميع الخلق عباد لله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له كما جاء عن امير المؤمنين عليه السلام حيث قال: فإذا جلس احدكم من نومه، فليقل قبل أن يقوم (حسبي الله، حسبي الربّ من العباد، حسبي الذي هو حسبي منذ كنت، حسبي الله ونعم الوكيل). فتلاحظ من كلام امير المؤمنين ان الرب الله سبحانه له عباد يعبدونه.
وعن محمد بن زيد الطبري قال: كنت قائماً على رأس الرضا عليه السلام بخراسان وعنده عدة من بني هاشم وفيهم إسحاق بن موسى بن عيسى العباسي، فقال: يا إسحاق بلغني أن الناس يقولون إنا نزعم أن الناس عبيد لنا، لا وقرابتي من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ما قلته قط ولا سمعته من آبائي قاله ولا بلغني عن أحد من آبائي قاله، ولكني أقول الناس عبيد لنا في الطاعة موال لنا في الدين، فليبلغ الشاهد الغائب.
https://telegram.me/buratha