زيد عاشور
يعتقد الكثير من الناس (لاسيما الملتزمين منهم) بأن قضية الظهور المقدس مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بحصول الخوارق والمعاجز، بينما الواقع غير ذلك تماما حيث سيعتمد عليه السلام على النظام الطبيعي دون الاعجاز، وفي هذه السطور سنسلط الضوء على هذه النقطة لتوضيحها.
لا شك ولاريب ان ال البيت (صلوات الله وسلامه عليهم) فوضهم الله بإستخدام قدرته، واعطاهم اسمه الاعظم وجعل لهم دعاءً مستجاباً، و اكرمهم بحق التصرف بالاشياء وهذه من المسلمات، لكن لو تمعنّا في سيرة رسول الله (صلى الله عليه واله) واوصيائه من بعده، نجد انهم لم يستخدموا تلك المعاجز الا نادرا، واعتمدوا في تسيير امور دينهم ودنياهم على نظام الاسباب الطبيعية.
عند مطالعة ايات القران الكريم، نجدها تحث على اتخاذ الوسائل الطبيعية المعتادة وفق النظام اللذي خلقه الله لنا، كما في قوله تعالى في سورة الأنفال، الآية 60:
(وأعِدّوا لهم ما استعطتم من قوة)
وفي قصة ذي القرنين في سورة الكهف، الآية 89:
(إنّا مكّنّا لهُ في الارضِ وآتيناه من كل شيء سبباً * فأتبعَ سببا)
هذا المفهوم القرآني هو عينه منهاج الامام المهدي (عجل الله فرجه) بعد ظهوره الشريف.
حديث الامام الصادق (عليه السلام) فيه ما يؤكد هذا المعنى حيث قال له احد اصحابه يوماً: اني لأرجو ان يكون هذا الامر عفواً (اي بسهولة) فقال له:
كلا، لو استقامت عفواً لا ستقامت لرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) لايكون هذا الامر حتى نمسح نحن واياكم العلق والعرق ومسح جبهته، اي ان الامام سينزل بنفسه الى الميدان ليتعب ويُجرح ويتأذى.
ان من يعتقد ان الإمام (عجل الله فرجه) سيستخدم المعجزة في كل شيء، واقعٌ في اشتباه كبير فكيف له (عجل الله فرجه) ان يرى كل هذا الظلم والجور وهو قادر على تغييره ولا يستخدم تلك القوة الغيبية؟!
إن هذا المفهوم يخدش الاعتقاد بعصمة المعصوم والعياذ بالله، لذلك يجب ان يكون المؤمن واعياً و مدركاً ومطلعاً كي لا يقع في هذه المحذورات اوغيرها.
رب سائل يسأل، اذاً اين ومتى سيستخدم الإمام (عجل الله فرجه) ما وَهبه الله له من الكرامات الباهرة؟ ونحن كثيراً ما طرقت مسامعُنا قصص القران الكريم، فضلاً عن محاضرات رواد المنابر والخطباء الكرام وهم يتحدثون عن تلك المعاجز.
الجواب هو انه قد تم استخدامها في الغالب لاثبات امامة او نبوة الشخص المدعي لرسالة السماء، او لحفظه من الموت قبل ان يُتِم مهمته الموكلة اليه.
بعد ان عرفنا هذا الامر تتوضح لدينا اسباب الغيبة، وهي مرتبطة بنا نحن اولاً، فالمنطق يقول ان الامام يحتاج الى اسباب ومسببات من عالم الإمكان المألوف لدينا وهو القاعدة، اما ماعداه من المعاجز فهو استثناء.
تأكيدا على ما تقدم، فان استخدام المعاجز لن يكون منهجاً للإمام (عج) عند ظهوره او بعد قيامه بإنشاء دولة العدل الالهي، بل سيعمل بنظام الاسباب الطبيعي ان شاء الله تعالى.
https://telegram.me/buratha