إيمان عبد الرحمن الدشتي
ليس بعيدا عن يقيننا أن الله تعالى لا يقدر أمرا إلا لحكمة قد تكون ظاهرة وقد تكون مضمرة، وأيضا نؤمن أنه سبحانه يختار عظيما لكل عظيم، وإن حدث الظهور المقدس لإمامنا المهدي أرواحنا فداه من العظمة بمكان ما يحتم أنه سوف لن يكون إلا بظروف استثنائية تليق بعظمته ليكون الحدث الابرز في تلك الساعات عند الناس.
الذي يلاحظ ما جاء في خطبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من مضامين ومديح بخصوص شهر رمضان وبذلك التفصيل وبتلك الدقة، يدرك ولو مجملا ما للشهر من ليالٍ وايامٍ وساعاتٍ لها من الفضل ما ليس لغيرها في سائر الشهور، وأنه البيئة المثلى للكمالات الروحية للمؤمنين من خلال خلوص النية ومراقبة النفس ومحاسبتها، ومن خلال مناجاة الله بالأدعية العالية المضامين التي هي عن لسان المعصوم وما تحمله من عبارات ولائية للنبي وآله صلوات ربي وسلامه عليهم، وما دعاء الإفتتاح إلا واحد من تلك الأدعية المباركة حيث يحمل أنفاس إمام العصر والزمان بأبي هو وأمي وحنين المنتظِر الحقيقي والصادق إلى دولته العادلة المباركة بعد بث الشكوى لله تعالى لما أصاب الأمة بعد فقد الرسول وغيبة الإمام صلوات الله وسلامه عليهما وكثرة الأعداء وقلة العدد.
سيمن الله تعالى يوما على شهر رمضان، ليكون منطلقا للظهور المبارك والمرتقب لمولانا المهدي المرتجى عجل الله فرجه، وله الفخر بذلك على سائر الشهور لحكمة حباه الله فضلها وفضَّل بها ساعاته، فليلة القدر التي قال عنها تعالى: (ليلة القدر خير من ألف شهر، تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر) واحدة من تلك الليالي العظيمة للشهر الفضيل، وهي كما تُعْرَف ليلة إمام الزمان عليه السلام الذي تتنزل عليه الملائكة والروح من كل أمر هو كائن للعباد في تلك السنة فيتم إمضاءه عليه، مثلما كان لآبائه الطاهرين كل بحسب زمانه.
أكدوا أئمتنا صلوات الله وسلامه عليهم أن غيبة إمامنا الحجة عجل الله فرجه ستنتهي إبتداء من صيحة جبرائيلية ستكون في ليلة القدر الكبرى ليلة الثالث والعشرين من شهر رمضان والتي تنبئ بظهوره الشريف، ومنها تفسيرهم عليهم السلام للآية المباركة: (إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين) (الشعراء-٤) فقالوا إن تلك الآية هي الصيحة الجبرائيلية التي سيسمعها جميع الناس كل بحسب لغته وفي ساعة واحدة إعلانا لظهور قائم آل محمد عليه وعليهم السلام، ولا يخال لعاقلٍ أنها ستقتصر على بضع كلمات قابلة للشك والشبهة والإتهام وعدم الإفهام، وإنما قد يرافقها من الأحداث ما تستوعب كل تلك الليلة لربما، كالتعريف بهوية المنادي وهوية المنادى به وأنها صيحة سماوية بأمر الله وبقدرته.
إعزاز المؤمنين المنتظرين سيكون بتلك الصيحة التي تنبئهم بظهور إمامهم وهم بكامل شغفهم واستعدادهم لها في تلك الليلة، وذلك من خلال متابعتهم للعلامات الحتمية التي ستسبقها بنظام كنظام الخرز كما عبر عنها أئمة الهدى صلوات الله وسلامه عليهم، ومنها علامة خروج السفياني التي تؤقت لعلامة الصيحة، حيث تحدثت الروايات أن ما بين السفياني وظهور الإمام أرواحنا فداه حمل ناقة (أي خمسة عشر شهرا إبتداء من خروج السفياني) وما تليها من علامات كذلك ستكون مدلّة على القيام المقدس.
الحسرة والإذلال سيكونان للكافرين والمنافقين الذين يعلمون أن ظهور الإمام عجل الله فرجه يعارض مصالحهم وسينهي شأنهم وجبروتهم، وبرغم عظمة تلك الصيحة السماوية وصدقيتها فإنهم سيعمدون إلى محاولة خلط الأوراق والتشكيك بها، فيقدمون في نهار تلك الليلة على صيحة شيطانية ضعيفة من صنعهم لا يمكن أن ترقى لصيحة السماء، فيقولون أن ما سُمِعَ هو من سحر الشيعة وبتقنيات عصرية، وأيا كان فعل هؤلاء؛ فلن يكون إلا ما شاء الله من ان الأرض يرثها عباده الصالحون وأنه تعالى بالغ أمره.
هي خيرٌ للورى من ألفِ شهر
ليلةٌ في شهرِ رمضان الأغر
سيصيحُ جبرائيلُ فيها مُعْلِناً
إنتهتْ غيبتُهُ الكبرى الإمامُ المنتظر
فازَ من والاه فوزا ساحقا
والذي عادى وناوى عابس الوجه ووالله خسر
https://telegram.me/buratha