الدكتور فاضل حسن شريف
وردت كلمة مقام إبراهيم في القرآن مرتين كما جاء في قوله تعالى "وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى" (البقرة 125) و "فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا" (ال عمران 97) للدلالة على التفخيم والتعظيم لهذا المكان ومن الآيات البينات موضع قدم إبراهيم عليه السلام ،وجعله الله سبحانه مصلى أي قبلة حيث تكون الكعبة ومقام إبراهيم عليه السلام قبلة في صلاة طواف الحج والعمرة. لذلك فإن الآيتين القرآنيتين الشريفتين تعتبر قاعدة دينية تجيز التبرك بمواضع الأنبياء عليهم السلام. وهنالك أسرار أخفاها الله تعالى قد تكون التذكير بعظمة انبيائه واوليائه والاقتداء بهم لأنهم عبيد الله المخلصين. وكما للأزمنة أهمية فإن للأمكنة أهمية ومنها اماكن اثار الانبياء والصالحين. وقبور الانبياء ومواقع اقامتهم هي اهم اثارهم بل هي اياتهم البينات "فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ" (ال عمران 97). و يستحب الصلاة في مشاهد ومقامات الانبياء والائمة عليهم السلام كما عند مقام إبراهيم الذي ورد النص القرآني بالصلاة فيه " وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى" (البقرة 125) فالمصلى مكان للدعاء والصلاة معا. قال الإمام الصادق عليه السلام عن الآيات البينات في سورة (البقرة 125) هن: مقام إبراهيم حيث قام على الحَجَر فأثّرت فيه قدماه، والحَجر الأسود، ومنزل إسماعيل.
لذلك يستحب الصلاة في مشاهد ومقامات الائمة عليهم السلام كما في المسجد الحرام مقام ابراهيم الذي ورد النص في القرآن الكريم بالصلاة فيه " وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى" (البقرة 125)، و هي البيوت التي أمر اللّه تعالى أن ترفع و يذكر فيها اسمه، بل هي أفضل من بعض المساجد كما ورد في كتب مراجع الدين. ومقام إبراهيم عليه السلام هو الصخرة التي كان يقف عليها لبناء الكعبة الشريفة، حيث ورد في القرآن الكريم الصلاة عند المقام بعد الطواف و هذا مما يجمع عليه المسلمون. ويقع المقام في المسجد الحرام الذي ليس فقط يحوي هذا المقام بل اضرحة انبياء ومنهم مدفن النبي اسماعيل عليه السلام وأمه هاجر التي ليست بنبي، وملايين المؤمنين يصلون ويدعون سنويا في هذا المسجد ولم يحرم القرآن ولا السنة الصلاة والدعاء فيه لوجود هذه المقامات والمقابر بل يثاب من دعى وصلى في مسجد الله والذي هو قدوة لبقية المساجد وخاصة التي فيها مقامات ومدافن الأنبياء كما اسماعيل عليه السلام والصالحين كهاجر عليها السلام.
ان ابراهيم وابنه اسماعيل وزوجته هاجر عليهم السلام لهم علاقة بمناسك الحج وأماكنه كالبيت الحرام ومقام ابراهيم وحجر إسماعيل والصفا والمروة ومنى وعرفات والمزدلفة ورمي الجمرات وبئر زمزم بالاضافة الى الأضحية والعيد وغيرها. فالصلاة خلف مقام ابراهيم هو تقدير لابراهيم عليه السلام لبناء بيت الله والسعي سبعة اشواط تقديرا لهاجر التي اتمت هذه الاشواط وهكذا.
حجر المقام الآن موضوع في داخل أسطوانة من الذهب، وهو ليس مكانه الأصلي حيث كان مُلاصقاً للكعبة المشرفة. والطواف يكون بين الكعبة والمقام. وحاليا لشدة الازدحام افتت مراجع بالطواف حول الكعبة خلف مقام ابراهيم. والحجر طوله وعرضه 40 سنتيمتراً وارتفاعه 20 سنتيمتراً، ولونه أبيض، ويوجد عليه أثر قدمين بعمق 10 سنتيمترات بدون أثر لأصابع الأقدام. وقبل وضع الاسطوانة كان الحجاج والمعتمرين يلمسون الحجر واثر القدمين مما جعل اختلاف بابعاد الاثر الاصلي، والفاصلة بين القدمين سنتيمترا واحدا. عن الامام الصادق عليه السلام عن موقع مقام ابراهيم الاصلي الملاصق للكعبة قال: ما بين باب البيت إلى الركن العراقي هو الموضع الذي كان فيه مقام إبراهيم عليه السلام. وروى ابن كثير في تفسيره عن إمام مكة عن سفيان بن عُيينة قال كان المقام على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله في سقع البيت لصيقاً به. و عن الإمام مالك في المدوّنة الكبرى حيث قال كان المقام ملصقاً بالبيت في عهد النبيّ صلى الله عليه وآله وعهد أبي بكر، وبلغني أن عمر بن الخطاب لما ولي وحج ودخل مكة أخّر المقام إلى موضعه الذي هو فيه اليوم.
روي ان الله تعالى أمر إبراهيم عليه السلام وقف على الحجر عندما دعا الناس للحج، وقدماه غرقت في الحجر ليكون الأثر آية. وقيل إن الحجر وقف عليه ابراهيم عليه السلام للوصول إلى الأماكن المرتفعة من الكعبة عند البناء وكان يحركه حول الكعبة خلال البناء فطبع أثر القدمين على الحجر. يعتبر حجر مقام ابراهيم والحجر الاسود من الاحجار المقدسة، وقيل انهما ياقوتتان من ياقوت الجنّة. عن أبي جعفر الباقر عليه السلام: ثلاثة أحجار نزلت من الجنة حَجر بني إسرائيل، ومقام إبراهيم عليه السلام والحجر الأسود. عن أبا الحسن موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام عندما سأل عن أفضل موضع للصلاة بمكة؟ فقال عند مقام إبراهيم الأول، فإنه مقام إبراهيم وإسماعيل ومحمد صلى الله عليه وآله.
اما مكان الحجر فكان في زمن الجاهلية في مكانه الحالي ولكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وضعه ملاصقا للكعبة المشرفة وهو مكانه الحقيقي. ولكن زمن الخلفاء الراشدين ارجع الى مكانه الحالي. وروي ان الامام علي عليه السلام طلب عدم تغيير اي شئ فعله النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم ومنها مقام ابراهيم لان الاية الكريمة "وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى" (البقرة 125) حددت مكانه الملاصق للكعبة. عن الإمام الصادق عليه السلام: إذا قام القائم حوّل المقام إلی الموضع الذی کان فیه. أما عن صلاة الطواف الواجب خلف مقام إبراهيم عليه السلام فعند الامكانية صلى الحاج او المعتمر خلفه، فإن لم يتمكن صلى في أي مكان من المسجد الحرام مراعياً الأقرب فالأقرب إلى المقام، وأما في الطواف المستحب فيجوز الإتيان بصلاته في أي موضع من المسجد اختياراً.
https://telegram.me/buratha