الدكتور فاضل حسن شريف
22- من الدروس المستخلصة من قصة أصحاب الاخدود الصبر على الابتلاء، واي ابتلاء هو رمي الأبرياء المؤمنين في المقابر الجماعية امام انظار القتلة القساة عديمي الضمير. قال الله جل جلاله "إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ" (المؤمنون 111) و "نَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ" (الزمر 10) و "أُولَـئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا" (الفرقان 75).
23- ومن قصص اصحاب المقابر الجماعية وما هي عاقبتهم في الدنيا قبل الاخرة: جاء في قصص الأنبياء للجزائري: وفيه باسناده إلى ابن عباس قال: بعث الله جرجيس عليه السلام إلى ملك بالشام، فقال له: انه يعبد صنما، فقال له: أيها الملك إقبل نصيحتي لا ينبغي للخلق ان يعبدوا غير الله تعالى ولا يرغبوا إلا إليه، فقال له الملك: من أي ارض أنت؟ قال: من الروم قاطنين بفلسطين، ثم أمر بحبسه ثم مشط جسده بأمشاط من حديد حتى تساقط لحمه ونضج جسده بالخل ودلكه بالمسوح الخشنة ثم أمر بمكاو من حديد تحمى فيكوى بها جسده، ولما لم يقتل أمر بأوتاد من حديد فضربوها في فخذيه وركبتيه وتحت قدميه، فلما رأى أن ذلك لم يقتله أمر بأوتاد طوال من حديد فوتدت في رأسه فسال منها دماغه وأمر بالرصاص فأذيب وصب على اثر ذلك ثم امر بسارية من حجارة كانت في السجن لم ينقلها إلا ثمانية عشر رجلا فوضعت على بطنه. فلما أظلم الليل وتفرق عنه الناس رآه أهل السجن وقد جاءه ملك فقال له: يا جرجيس ان الله جلت عظمته يقول: اصبر وابشر ولا تخف ان الله معك يخلصك وانهم يقتلونك أربع مرات، في كل ذلك ارفع عنك الألم والأذى. فلما أصبح الملك دعاه فجلده بالسياط على الظهر والبطن ثم رده إلى السجن ثم كتب إلى أهل مملكته ان يبعثوا إليه بكل ساحر، فبعثوا بساحر استعمل كلما قدر عليه من السحر، فلم يعمل فيه. ثم عمد إلى سم فسقاه، فقال جرجيس: بسم الله الذي يضل عند صدقه كذب الفجرة وسحر السحرة، فلم يضره، فقال الساحر: لو اني سقيت بهذا أهل الأرض لنزفت قواهم وعميت أبصارهم، فأنت يا جرجيس النور المضئ والسراج المنير والحق المبين، أشهد ان إلهك حق وما دونه باطل، آمنت به وصدقت رسله واليه أتوب مما فعلت. فقتله الملك، ثم أعاد جرجيس صلوات الله عليه إلى السجن وعذبه ألوان العذاب، ثم قطعه اقطاعا وألقاه في جب. ثم خلا الملك الملعون وأصحابه على طعام له وشراب، فأمر الله تعالى أعصارا أنشأت سحابة سوداء وجاءت بالصواعق ورجفت الأرض وتزلزلت الجبال حتى أشفقوا ان يكون هلاكهم، وأمر الله ميكائيل فقام على رأس الجب وقال: قم يا جرجيس بقوة.
24- وذكر بعض المفسرين إن طول الاخدود او الخندق كان أربعين ذراعا، وعرضه اثني عشر ذراع، وكل ذراع يقرب من نصف متر، وأحيانا يقصد به ما يقرب من متر كامل. وقيل: إنها كانت سبعة أخاديد.
25- جاء في التفاسير "وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ" (البروج 1) الله تعالى يقسم في عدد من الايات بمخلوقاته حيث الواو هي واو القسم وعبر الله تعالى عن مدرارات الكواكب بالبروج وهي القصور العالية لضخامتها. اما قوله سبحانه "وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ" (البروج 2) فهو إشارة الى يوم القيامة لان اسمائها عديدة منها اليوم الموعود. وقوله تعالى في القسم الثالث "وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ" (البروج 3) الشاهد هم الانبياء والمشهود هم امة كل نبي في يوم القيامة.
26- جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: ذكرت قصة اصحاب الاخدود في كتب تاريخية وتفسيرية كثيرة، بتفاصيل متفاوتة، منها: ما ذكره المفسر الكبير الطبرسي في مجمع البيان، وأبو الفتوح الرازي في تفسيره، والفخر الرازي في تفسيره الكبير، والآلوسي في روح البيان، والقرطبي في تفسيره، وكذلك ابن هشام في الجزء الأول من كتاب السيرة وغيرهم كذلك. وقد تبين مما ذكرناه بأن العذاب الإلهي قد أصاب أولئك الذين قاموا بتعذيب المؤمنين، وانتقم منهم في دنياهم جراء ما هدروا من دماء زكية بريئة، وأن عذاب نار الآخرة لفي انتظارهم.
27- في جوامع الجامع: ان الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات أي أحرقوهم وعذبوهم بالنار وهم أصحاب الأخدود فلهم في الآخرة عذاب جهنم بكفرهم ولهم عذاب الحريق وهي نار أخرى عظيمة باحراقهم المؤمنين ولهم عذاب جهنم في الآخرة ولهم عذاب الحريق في الدنيا لما روى أن النار انقلبت عليهم فأحرقتهم.
28- ومن عبر قصة أصحاب الاخدود ان شلة المنتفعين في كل قصة من قصص القرآن وفي كل زمان يعاقبهم الله جل جلاله كعقاب ملكهم او قائدهم او فرعونهم فهم أصحاب الاخدود وليس صاحب الاخدود.
https://telegram.me/buratha