الدكتور فاضل حسن شريف
من دعاء يوم دحو الارض (اَللّهُمَّ داحِيَ الْكَعْبَةِ، وَفالِقَ الْحَبَّةِ، وَصارِفَ اللَّزْبَةِ، وَكاشِفَ كُلِّ كُرْبَة أسألُك في هذا اليوم من أيامِك التي أعظَمتَ حقها وقدّمتَ سَبْقَها وجَعَلْتَها عِندَ المؤمنين وديعةً وإليكَ ذَريْعةً وبرحمتِكَ الوسيعَةِ).
جاء في تفسير المعاني فان اللزب هو الطريق الضيق. ولزب الشئ تماسك، ولزب الطين اي صلب، ولزب العيش اي ضاق، ولزب المال اي قل. قال الله عز وجل " فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا" (الشرح 5-6)، و "وتعزّ من تشاء" (ال عمران 26) وبالتالي ففي الدعاء يسأل العبد ان يصرف عنه اللزبة اي ضيق العيش ونقص المال وكل ما يضيق على الانسان. قال الله تعالى "سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا" (الطلاق 7). وجاء في الدعاء (وأعوذُ بكَ مِن غلبةِ الدَّينِ وقهرِ الرجالِ)، و (اللَّهُمَّ لا مَانِعَ لِما أعْطَيْتَ)، و (واغنني بفضلك عن من سواك). روي عن الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم (إجعلوا لبيوتكم نصيباً من القرآن، فإن البيت إذا قُرء فيه تيَسَّرَ على أهله، و كَثُرَ خيره، و كان سُكانه في زيادة، و إذا لم يُقرأ فيه القرآن ضُيق على أهله و قَلَّ خيره و كان سُكانه في نُقصان).
ورد من اسباب ضيق الرزق: الاعراض عن ذكر الله "وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُۥ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُۥ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ أَعْمَىٰ" (طه 124)، اكل اموال الاخرين "وَلَا تَأْكُلُوٓاْ أَمْوَٰلَكُم بَيْنَكُم بِٱلْبَٰطِلِ" (البقرة 188)، الحسد والبغض "وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ" (الفلق 5)، عقوق الوالدين "وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا" (العنكبوت 8)، القيام بالكبائر كالزنا والربا "وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلً" (الاسراء 32) و " الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ" (البقرة 275)، السرقة والتجارة بالمحرمات "وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ" (المائدة 38) و "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ" (النور 37) ، عدم اخراج الزكاة والخمس "خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ" (التوبة 103) و "وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ" (المدثر 44)، وقلة الاستغفار "فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً" (نوح 10).
وردت كلمة صرف ومشتقاتها في آيات قرآنية كما قال الله سبحانه "ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ" ﴿التوبة 127﴾، و "صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ" ﴿التوبة 127﴾، و "وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ" ﴿البقرة 164﴾، و "ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ" ﴿آل عمران 152﴾، و "مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ" ﴿الأنعام 16﴾، و "انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ" ﴿الأنعام 46﴾، و "انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ" ﴿الأنعام 65﴾، و "وَكَذَٰلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ" ﴿الأنعام 105﴾، و "وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ" ﴿الأعراف 47﴾، و "كَذَٰلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ" ﴿الأعراف 58﴾، و "سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ" ﴿الأعراف 146﴾، و "فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ" ﴿يونس 32﴾، و "أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ" ﴿هود 8﴾، و "كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ" ﴿يوسف 24﴾، و "وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنّ"َ ﴿يوسف 33﴾، و "فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ" ﴿يوسف 34﴾.
وردت كلمة صرف بمعاني مختلفة منها التبيين والدفع والعدول عن الامر والارسال والتوجيه والتقسيم. و صارف اللزبة اي دافع اللزبة وبتعبير اخر دفع ضيق العيش وقلة المال والزاد. ورد لفظ صرف بمعنى دفع في عدد من الآيات قال الله عز من قائل "وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا" (الفرقان 65) اي ربنا ادفع عنا عذاب جهنم، و "فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا" (الفرقان 19) اي فما تستطيعون ان تدفعوا العذاب ولا النصر، و "وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ" (هود 8) اي ليس مدفوعا عنهم، و "مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ" (الانعام 16) اي من يصرف عنه العذاب.
https://telegram.me/buratha