الصفحة الإسلامية

اشارات السيد محمد سعيد الحكيم قدس سره عن القرآن الكريم من سورة ابراهيم (ح 35)


الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في كتاب مرشد المغترب للسيد محمد سعيد الحكيم: لتعطشكم للمفاهيم الدينية وتشوقكم للثقافة الإسلامية، بسبب بعدكم عن بلادكم وغربتكم في تلك المجتمعات غير المسلمة، فتتلقفون كل ما يصل إليكم، وتتفاعلون معه لأول وهلة. فإن هذه الأمور بمجموعها تجعل منكم أرضية صالحة لتقبّل تلك الأفكار أو التأثر بها أو الارتباك بسببه. ولاسيما وأنها تمتلك من القوة الإعلامية والدعاية، والدعم المادي والسياسي ما يجعلها تنتشر بسرعة نسبي، بالإضافة إلى الأفكار الأصيلة الفقيرة مادياً والمحاصرة المكبوتة. فالحذر كل الحذر أيها المغتربون المؤمنون على دينكم لئلا يسرق منكم بهذه الطروحات والمحاولات المشبوهة، فإن دينكم وولاءكم لأهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام هما الجوهرتان الثمينتان، والنعمتان الكبريان اللتان أنعم الله عز وجل بهما عليكم وعلى جميع المؤمنين، لطفاً منه وفضل، فلا ينبغي التفريط بهما وكفر نعمة الله تعالى فيهم، فيكون عاقبة ذلك الوبال والنكال والخسران الدائم، كما قال عز وجل: "أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ" (ابراهيم 28-29).

جاء في كتاب فاجعة الطف للمؤلف السيد محمد سعيد الحكيم قدس سره: الدولة بتركيبتها معرضة للضعف والانهيار: الأول: أن مثل هذه الدولة المبنية على الاستغلال والظلم والجبروت والقهر، وعلى عدم الانضباط في نظام الحكم، معرضة للصراع والضعف والانهيار، كما انهارت الدول بمرور الزمن مهما كانت قوته. ولأن يكون الصراع داخل الدولة بين الحق والباطل، وتمتاز إحدى الفئتين عن الأخرى، خير من ضياع الحق وموته بمرور الزمن، ثم يكون الصراع بعد ذلك بين فئات الباطل المختلفة من أجل الاستيلاء على السلطة من دون هدف ديني أو إنساني نبيل. لا أهمية للدولة العربية في منظور الإسلام: الثاني: أن كون الدولة عربية لا أهمية له في منظور الدين الإسلامي العظيم، بل لا يخرج ذلك عن منظور جاهلي حاربه الإسلام، وشدد في الإنكار عليه، ونبذه. وهو عدوان في حقيقته على الإسلام، الذي قام عليه كيان الدولة، وسرقة منه. فإن كون العرب هم الحاكمين في تلك الفترة باسم الإسلام شيء، وكون الدولة عربية شيء آخر. فهو نظير ما ينسب لبعض الأمويين من قوله عن سواد العراق: (إنما هذا السواد بستان لأغيلمة من قريش). وما ينسب للتعاليم اليهودية المحرفة من أن الدين اليهودي مخصص لصالح بني إسرائيل ويقر امتيازاتهم على بقية الشعوب. لو شكر العرب النعمة: نعم لو أن العرب شكروا نعمة الله عز وجل ولم يخرجوا بالسلطة عن موضعها الذي وضعها الله تعالى فيه، ووفوا بعهد الله سبحانه الذي أخذه عليهم، لأبقى الله جلّ شأنه عزهم فيهم، ولحملوا دعوة الله عز وجل للأمم، وانتشر الإسلام بحقه وحقيقته وعدله واستقامته وخيره وبركته، بعيداً عن الانحراف والاستغلال والمحسوبيات. ولعمّت لغة العرب الدني، لا لأنها لغة العرب، لتتحسس منها الشعوب الأخرى، بل لأنها لغة الدين العظيم والقرآن المجيد والسنة الشريفة، بما في ذلك الأدعية والزيارات الكثيرة. وبذلك تهمل الفوارق تدريج، وتموت العصبيات. ويكون للعرب شرف ذلك كله، ويكسبون احترام العالم ومودّته. لكنهم أخطأوا حظهم، وضيعوا نصيبهم، و "بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ" (ابراهيم 28). وإنا لله وإنا إليه راجعون. ولله أمر هو بالغه.

إظهار دعوة الإسلام الحق أهم من قوة دولته: أما كون الدولة إسلامية فهو من الأهمية بمكان، خصوصاً في تلك الظروف، حيث تكون سبباً في حفظ كيان الإسلام، وإيصال دعوته الشريفة للعالم، كما حصل فعل. ولذا تقدم أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه ترك الصراع مع القوم لاسترجاع حقه حفاظاً على كيان الإسلام العام. إلا أن من أهم الثمرات المطلوبة من بقاء الكيان الإسلامي العام هو تحقيق الأرضية الصالحة لإيصال الإسلام الحق للمسلمين، بل للعالم عامة وتعرفهم به. فلا معنى للتفريط بهذه الثمرة حذراً من ضعفٍ مؤقت في قوة الدولة الإسلامية التي هي في مقام تحريف الدين وتضييع معالمه. بل يتعين إيقاف الدولة عند حدّها والسعي لسلب شرعيته، لتعجز عن تحريف الدين وتضييع معالمه. ثم تترك لتقوي كيانها باسم الإسلام، من دون أن تقوى على التدخل في الدين، لحفظ معالمه، واتضاح ضوابطه، مع ظهور دعوة الدين الحق، وقوته، وسماع صوتها في ضمن الكيان الإسلامي العام. وهو ما حصل بجهود أهل البيت صلوات الله عليهم، وفي قمتها نهضة الإمام الحسين عليه السلام التي انتهت بفاجعة الطف المدوية الخالدة. والحاصل: أنه قد كان لفاجعة الطف التي ختمت بها نهضة الإمام الحسين صلوات الله عليه الذي هو المسؤول الأول في المسلمين في هذا المفصل التاريخي من مسار السلطة، والوضع الحرج الذي يمرّ به الإسلام، ضرورة ملحة من أجل التنفير من السلطة المنحرفة، وسلب الشرعية عنه، لدفع غائلتها عن الإسلام، ومن أجل إيضاح معالم الدين والتذكير بضوابطه.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك