الدكتور فاضل حسن شريف
عن عبد العظيم الحسني قال: قلت لمحمد بن علي بن موسى: إني لأرجو أن تكون القائم من أهل بيت محمد الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلا كما ملئت جوراً وظلماً فقال عليه السلام: (مَا مِنَّا إِلَّا قَائِمٌ بِأَمْرِ اللهِ وَهادي إِلَى دِينِ اللهِ وَلَكِنَّ الْقَائِمَ الَّذِي يُطَهِّرُ الله عَزَّ وَجَلَّ بِهِ الْأَرْضَ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ وَالْجُحُودِ وَيَمْلَأُهَا عَدْلًا وَقِسْطاً هُوَ الَّذِي يَخْفَى عَلَى النَّاسِ وِلَادَتُهُ وَيَغِيبُ عَنْهُمْ شَخْصُهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ تَسْمِيَتُهُ وَهُوَ سَمِيُّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وَكَنِيُّهُ وَهُوَ الَّذِي تُطْوَى لَهُ الْأَرْضُ وَيَذِلُّ لَهُ كُلُّ صَعْبٍ يَجْتَمِعُ إِلَيْهِ مِنْ أَصْحَابِهِ عَدَدُ أَهْلِ بَدْرٍ ثَلَاثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ أَقَاصِي الْأَرْضِ وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ "أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (البقرة 148)، فَإِذَا اجْتَمَعَتْ لَهُ هَذِهِ الْعِدَّةُ مِنْ أَهْلِ الْإِخْلَاصِ أَظْهَرَ أَمْرَهُ فَإِذَا أُكْمِلَ لَهُ الْعَقْدُ وَهِيَ عَشَرَةُ آلافِ رَجُلٍ خَرَجَ بِإِذْنِ اللهِ فَلَا يَزَالُ يَقْتُلُ أَعْدَاءَ اللهِ حَتَّى يَرْضَى اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ عَبْدُ الْعَظِيمِ قُلْتُ لَهُ يَا سَيِّدِي وَكَيْفَ يَعْلَمُ أَنَّ اللهَ قَدْ رَضِيَ قَالَ يُلْقِي فِي قَلْبِهِ الرَّحْمَة).
يقول الامام الجواد عليه السلام عن "وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّه" (البقرة 173) ما ذُبح لصنم أو وثن أو شجر، حرّم الله ذلك كما حرّم الميتة والدم ولحم الخنزير "فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ" (البقرة 173) أن يأكل الميت. وقال عليه السلام بما تحلّ للمضطر الميتة: (حدّثني أبي عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله سُئل فقيل له: يا رسول الله إنّا نكون بأرض فتصيبنا المخمصة، فمتى تحلُّ لنا الميتة؟ قال: ما لم تصطبحوا أو تغتبقوا، أو تحتفوا بقلاً، فشأنكم بهذا ). وعن "فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ" (البقرة 173) قال عليه السلام (العادي: السارق، والباغي: الذي يبغي الصيد بطراً ولهواً، ليعود به على عياله، ليس لهما أن يأكلا الميتة إذا اضطرّا، هي حرام عليهما في حال الاضطرار، كما هي حرام عليهما في حال الاختيار، وليس لهما أن يقصّرا في صوم ولا صلاة في سفر).
قال الله سبحانه وتعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ" (البقرة:264) عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام قال: (دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا عليهم السلام وَهُوَ مَسْرُورٌ، فَقَالَ عليه السلام: مَا لِي أَرَاكَ مَسْرُوراً، قَالَ: يَابْنَ رَسُولِ الله، سَمِعْتُ أَبَاكَ يَقُولُ: أَحَقُّ يَوْمٍ بِأَنْ يُسَرَّ الْعَبْدُ فِيهِ يَوْمٌ يَرْزُقُهُ اللهُ صَدَقَاتٍ وَمَبَرَّاتٍ وَسَدَّ خَلَّاتٍ مِنْ إِخْوَانٍ لَهُ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّهُ قَصَدَنِي الْيَوْمَ عَشَرَةٌ مِنْ إِخْوَانِيَ الْمُؤْمِنِينَ الْفُقَرَاءِ لَهُمْ عِيَالاتٌ، قَصَدُونِي مِنْ بَلَدِ كَذَا وَكَذَا، فَأَعْطَيْتُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَلِهَذَا سُرُورِي. فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ علي عليه السلام: لَعَمْرِي إِنَّكَ حَقِيقٌ بِأَنْ تُسَرَّ إِنْ لَمْ تَكُنْ أَحْبَطْتَهُ أَوْ لَمْ تُحْبِطْهُ فِيمَا بَعْد). فَقَالَ الرَّجُلُ: وَكَيْفَ أَحْبَطْتُهُ وَأَنَا مِنْ شِيعَتِكُمُ الْخُلَّصِ قَالَ عليه السلام: (قَدْ أَبْطَلْتَ بِرَّكَ بِإِخْوَانِكَ وَصَدَقَاتِكَ). قَالَ: وَكَيْفَ ذَاكَ يَابْنَ رَسُولِ اللهِ قَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ عليه السلام:اقْرَأْ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى" (البقرة 264)، قَالَ الرَّجُلُ: يَابْنَ رَسُولِ اللهِ مَا مَنَنْتُ عَلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ تَصَدَّقْتُ عَلَيْهِمْ وَلا آذَيْتُهُمْ قَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيّ عليه السلام: (إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا قَالَ: "لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى" (البقرة 264) وَلَمْ يَقُلْ لاَ تُبْطِلُوا بِالْمَنِّ عَلَى مَنْ تَتَصَدَّقُونَ عَلَيْهِ، وَبِالْأَذَى لِمَنْ تَتَصَدَّقُونَ عَلَيْهِ وَهُوَ كُلُّ أَذًى، أَفَتَرَى أَذَاكَ لِلْقَوْمِ الَّذِينَ تَصَدَّقْتَ عَلَيْهِمْ أَعْظَمُ، أَمْ أَذَاكَ لِحَفَظَتِكَ وَمَلَائِكَةِ اللهِ الْمُقَرَّبِينَ حَوَالَيْكَ، أَمْ أَذَاكَ لَنَا)، فَقَالَ الرَّجُلُ: بَلْ هَذَا يَابْنَ رَسُولِ اللهِ. فَقَالَ عليه السلام: (فَقَدْ آذَيْتَنِي وَآذَيْتَهُمْ وَأَبْطَلْتَ صَدَقَتَكَ». قَالَ: لِمَاذَا قَالَ عليه السلام: «لِقَوْلِكَ (وَكَيْفَ أَحْبَطْتُهُ وَأَنَا مِنْ شِيعَتِكُمُ الْخُلَّصِ) وَيْحَكَ، أَتَدْرِي مَنْ شِيعَتُنَا الْخُلَّصُ»؟ [قَالَ: لَا. قَالَ عليه السلام: «شِيعَتُنَا الْخُلَّصُ] حِزْقِيلُ الْمُؤْمِنُ، مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ وَصَاحِبُ يس الَّذِي قَالَ اللهُ تَعَالَى فِيهِ: "وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى" وَسَلْمَانُ وَأَبُو ذَرٍّ وَالْمِقْدَادُ وَعَمَّارٌ، أَسَوَّيْتَ نَفْسَكَ بِهَؤُلاَءِ أَمَا آذَيْتَ بِهَذَا الْمَلَائِكَةَ، وَآذَيْتَنَا). فَقَالَ الرَّجُلُ: أَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ، فَكَيْفَ أَقُولُ قَالَ عليه السلام: (قُلْ أَنَا مِنْ مُوَالِيكُمْ وَمُحِبِّيكُمْ، وَمُعَادِي أَعْدَائِكُمْ، وَمُوَالِي أَوْلِيَائِكُمْ). فَقَالَ: كَذَلِكَ أَقُولُ، وَكَذَلِكَ أَنَا يَابْنَ رَسُولِ اللهِ، وَقَدْ تُبْتُ مِنَ الْقَوْلِ الَّذِي أَنْكَرْتَهُ، وَأَنْكَرَتْهُ الْمَلَائِكَةُ، فَمَا أَنْكَرْتُمْ ذَلِكَ إِلَّا لِإِنْكَارِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ. فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا عليه السلام: (الْآنَ قَدْ عَادَتْ إِلَيْكَ مَثُوبَاتُ صَدَقَاتِكَ وَزَالَ عَنْهَا الْإِحْبَاطُ).
https://telegram.me/buratha